السبت، 9 أبريل 2011

أتعبتهم يا بوصلاح


يقال أن (التعب) نوعان ، أما أولهما فهو أن يُتعب الإنسان من يأتي بعده بأعماله الجليلة وبصماته الطيبة التي إن سعى الآخرون جاهدين من أجل تقليدها والإقتداء بفاعلها فهم غالباً ما يعجزون وتبوء محاولاتهم بالفشل .


أما التعب المنبوذ فهو أن يُتعب الإنسان من حوله بسبب تكاثر مشاكله التي يحاولون حلها وتراكم مصائبه التي يُصلَوْن بنارها وتضخم أزماته التي لا يستطيعون الخروج منها !


أما (أبو صلاح) فهو لقب كغيره من الألقاب التي يحملها الكثير من الرجال في قريتنا ، و لكل (بوصلاح) منهم شخصيته التي يتميز بها وطبائعه التي يتصف بها وخصاله التي يحملها فالناس أجناس وليسوا سواء ، فبنو آدم كالطيور ، بعضها صقور وشواهين شامخة والأخرى دجاجٌ و نعام (وقيل نعائم) و ربما أنعام .. بل هم أضل سبيلا !


لي جارٌ في قريتنا يُكنّى بأبي صلاح ، وله ابن عمٍ يحمل نفس اللقب لكن الله سبحانه وتعالى (خلق وفرق) ولم يجعل الرجلين إلا كالثرى والثريّا ، ورغم أن كليهما من نفس العائلة الكريمة إلا أن شمائل صديقي حميدة وسيرته محمودة فيما يبغض الناس في القرية ابن عمه ويذمونه ! فالثاني استغلَّ طيب قلوبهم في إكرام الضيف وإيواء الغريب وإطعام عابر السبيل فجلب لواحتنا الآمنة قوم سوء غرباء في عاداتهم دخلاء في تقاليدهم ، فيهم المنافق الذي يبطن الشر والفاسد الذي يضمر الفسق والتاجر المرابي الذي يأكل السحت .. فيما يحمل رايتهم علجٌ فارسي ليس كسلمان رضي الله عنه !


في ليلة من الليالي بلغ السيل الزبى وفاض الكيل حين تمادت الزمرة الفاسدة في غيّها وتجاوزت الفرقة الهالكة حدّها فهب صديقي لإنكار ذلك المنكر صادحاً بكلمة حقٍ في وجه بطانة ابن عمه وأنكر عليهم أفعالهم المذمومة وصفاتهم المسمومة ونفى لبلاد الفرس ثلاثة نفرٍ تورطوا بتهديد أمن واستقرار هذه الأرض الطيبة .


صديقي أبو صلاح يتعرض منذ تلك الليلة إلى تهديدات رفاق ابن عمّه الذي هو أيضاً أظهر ضيقه من شجاعة صديقي معتبراً إياها جرأة مرفوضة و تجاوزاً غير مقبول لأعرافٍ فرضها على من حوله ، وقد تبدي لنا الأيام ما كناَ نجهلُ حين يأتي الوقت الذي يجتمع فيه الوزراء وكبيرهم الذي علّمهم .. اللغات الأربع !


يقال والعهدة على الراوي أن ابن عم صديقي أرسل أحد وزرائه للإعتذار من الفرس عمّا بدر من ابن عمّه معاهداً إياهم على إعادة سفيره لبلادهم وتأديب من تطاول عليهم ! لكنني لم أصدق هذه الرواية كون ابن عم صديقي ليس بحاجة لوزير كي يعتذر نيابة عنه فهو من اعتذر لهم .. وبالفارسية !


حتى تلك اللحظة ، نسأل الله أن يذل تلك الفرقة التي تنوي الشر وتخطط للإنتقام بعد أن هُدِم (السور) الذي بناه (جاهل) رويبضة يقبع مع أمثاله من المجرمين في سجنٍ قذفته به عدالة القضاء لا (العدالة) المشبوهة التي تريك العجب في شهر (رجب) !


عبدالله الأعمش