الاثنين، 24 يناير 2011

نشمي .. يا شيخنا النشمي

الشيخ العلامة الدكتور عجيل بن جاسم النشمي من العلماء الأفاضل الذين تفتخر الكويت بانتمائهم لها و إعلائهم لإسمها في حقل الشريعة و ميدان الفقه بأرجاء العالم ، فهو مثال للرجل الرزين ذي الطرح الرصين الذي يواجه الفتوى بكل سكينة و تمحيص فيرد عليها الرد الشافي و الجواب الكافي دون مجاملة لرغبة حاكمٍ أو خوفٍ من نقمة ناقمٍ واضعاً نصب عينيه مرضاة الله تبارك و تعالى .. وحده .

و لهذا الشيخ مواقف مضيئة يجب أن يستلهم منها العلماء و العامة دروساً و عبر في زمن كثر فيه علماء السلاطين و علا فيه صوت الرويبضة و تصدر به المناصب متردية القوم و نطيحتها !
و مشايخ السلطان تنعُمُ تحتهم ** فرشٌ وثيرٌ و البيوت قصورُ

فشجاعته حفظه الله تجلت يوم أفتى أثناء الغزو البعثي الغاشم بجواز قتل المحتل العراقي في وقت قال فيه البعض بحرمة ذلك بحجة حقن دم الأمة فحثوا على مواجهة الغاصب بالصبر ! و أذكر يومها أن جنود البعث و مخابراته اقتحموا منزل الشيخ فأعمى الله أبصارهم عن أوراق تلك الفتوى التي سطرها هذا الشيخ المحب لوطنه .

هذا الرجل أوكلت له مع ثلة من المشايخ الأفاضل مهمة استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية من قبل سمو الأمير جابر الأحمد رحمه الله فأدى المهمة و قدمها لولي الأمر ثم عكف على تعليم طلبة العلم الشرعي و الرد على تساؤلات عامة المسلمين و نشر عشرات الكتب و البحوث التي تخدم الأمة الإسلامية .

هذا الفقيه الفاضل لا يداهن عبداً على حساب مرضاة ربه ، فلم يجامل العامة حين أفتى بحرمة إسقاط القروض أو شرائها أو دفع فوائدها من المال العام ، كما لم يحابي الحكومة عندما أفتى حفظه الله بوجوب إسقاط الفوائد الربوية في مسألة التأمينات و المتقاعدين .
و لأن الشيخ يواكب الواقع و يفهم الحاضر و يعيش عصره فقد تعرض رأيه في مسألة المظاهرات و حدود طاعة ولاة الأمر لنقد بعض السفهاء هداهم الله و بعض الدعاة المتفيقهين و طلبة العلم المبتدئين الذين لا يرتقون لمرتبة العلماء و ليس لهم حق الفتوى فكانوا كمن ينطح جبلاً .. بقرنيه !
يا ناطح الصخرة الصمّاء توهنها ** أشفق على الرأس لا تشفق على الحجرِ

فهؤلاء نذكرهم بأن عودة الحجاب و توقير الأذان و نبذ العلمانية في تونس لم تتحقق إلا بالمظاهرات ، كما ننبههم لضرورة توقير العلماء و عدم تصدر الفتوى دون علمٍ و نحذرهم من خطيئة نقل ما أفتى به بعض شيوخ ديارٍ أخرى حُرِّمت بها الإنتخابات و كُفّرت فيها الأحزاب و مُنع عنها منهج الديمقراطية و قُدّست بها كراسي ولاة الأمر فكانت فتاواهم تلك خاصة بمكانهم و زمانهم و دستورهم (إن وُجِد) و لا يصح استيرادها ، فالنشمي ابن النشمي و أهل الكويت .. أدرى بشعابها .

الخميس، 20 يناير 2011

هذا بلا (أخوك) يا عقاب !

قال لا فض فوه ولا (جُبِرَ) حاسدوه : البارحة قدمت استقالتي ، و الليلة سيكون شقيقك مختار المخاتير ، و الجابلة ستدافع عني في لجنة التحقيق ، و اللابلة سيبدأ (عقاب) (المسلم) بنقل الأصوات التي تريدها لدائرتك .. الجديدة !
خلال أيام مليئة بالأحداث المؤسفة زاد يقيننا بأن الجنسية لا علاقة لها بحب الكويت و احترام قوانينها و الإلتزام بعاداتها الأصيلة ، ففي مستشفى الأحمدي يعمل طبيب عربي غير كويتي آمن بتلك المباديء السامية رغم التهديد و الوعيد الذي أتاه من جلادين كويتيين يرأسهم رجل غير (عادلٍ) ولا (راشدٍ) يتبعه نفرٌ عليهم (العوض) ، هنا تذكّرنا قول : (لو خليت قلبت كسدوم و عمورة) ، فالخير لم يفنى و الصلاح لم ينضب و بصيص نورٍ مازال يُشعل في حلكة الظلام من قبل كوكبة طيبة من الشباب الأحرار يتصدرهم شيوخٌ أبرار رفضوا القمع و الكي .. بالنار.
لقد قيل في الأمثال الشعبية (ما أردى من المربوط إلا المفتلت) فكيف نرتجي خيراً من قيادي أتى لمنصبه بتزكيةٍ ممن يشتهر بفساده و تستره على سراق المال العام ؟

وصدق قول المتنبي : و شبه الشيء منجذبٌ إليهِ ** و أشبهُنا بدنيانا الطغامُ

فكيف نتأمل إصلاحاً من مسؤولٍ تقلد منصبه بفضل راشٍ مرتشٍ عدوٍ للدستور ؟
إننا يوم أصبحنا نترقب التخلص من أناسٍ فاقدي الثقة و الحياء أمسينا نسمع أخبار استنساخهم و تكاثرهم بالإنشطار .. كالبكتيريا !
فأين العبرة مما حدث في تونس ؟ هناك يسقط الرئيس لأن (الشعب) لا يريده ثم تسقط الحكومة المؤقتة لأن (الشعب) يرى أنها ذَنَب للنظام البائد ، و هكذا أصبح (الشعب) في تلك البلاد هو الآمر الناهي الذي إن خرج للشارع تحققت أمانيه و نُفذت رغباته ، و لم يُنعت بالتأزيمي و الغوغائي كما يحدث عندنا !

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة) قيل : كيف إضاعتها ؟ فقال : (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله ، فانتظر الساعة) .

عبدالله الأعمش

السبت، 15 يناير 2011

كش .. يا شيخ الدامة

استقالة من لقّب نفسه (احطبة دامة) لن تكون في يوم من الأيام شجاعةً و شهامة فمنطلقها (مُكرهٌ أخاك لا بطل) كون الجريمة اتضحت كوضوح الشمس في رابعة النهار ، فالشيخ سُقِط في يده و لم يجد مفراً إلا الإستسلام ، و يبقى عزاؤه في أن الإعتراف بما اقترفته يد وزارته .. فضيلة .
يكذب من يقول أنها أولى جرائم وزارة الداخلية ، فوفاة ذلك الشاب هي القشّة التي قصمت ظهور بعارين الداخلية المحملة بالفساد و الإنتهاكات الوحشية ، و لقد أثبت المرحوم بإذنه تعالى محمد غزاي المطيري أن الحر ينتصر .. و لو مات !
إن الأخبار الواردة لنا أن علية القوم لما علموا باستعداد البعض لتنفيذ القصاص بعيداً عن قوانين الدولة المعلقة هبّ كبيرهم لتعزية القوم و مهادنتهم بعد عودته من (بلاد الرافدين) التي زارها قبل جفاف دم الشهيد العنزي ! و الجدير بالذكر أن خطأ التوقيت هذا ليس بجديدٍ على أبي اللغات و مستشاريه فقد سبق و أن زار (بلاد فارس) يوم كانت أذنابها تهدد (بلاد الحرمين) و التي لم يزرها إلا .. لساعة !
إن الجريمة النكراء التي دسن بها جلادو وزارة الداخلية أرض الأحمدي لم يرتكبها فردٌ أو شرذمة قليلة من الجبناء ، بل قامت بها عصابة منظمة وزّعت الأدوار بين أفرادها ، و لزم علينا تذكير الناس بهم كي لا يفروا فرار الحُمُر المستنفرة !
1- السفاح الذي عذب الضحية على مدار أيام و استخدم معه العنف (و هي فرق متناوبة) .
2- الطعّان اللعان الفاحش البذيء الذي شتم الضحية و أهانه باللفظ (منذ لحظة اعتقاله حتى زهق روحه) .
3- الشيطان الأخرس الذي شاهد التعذيب و السباب و مخالفة القانون و لم يقم بالتبليغ عن ذلك .
4- عديم الإنسانية الذي رفض علاج الضحية بالمستشفى رغم إصرار طاقم سيارة الإسعاف على ذلك .
5- وسيط الشر و كاتم الشهادة الذي سعى لإطلاق المعتقل الثالث شريطة عدم تفوهه بكلمة عن الجريمة ، ألا يخشى أن يكون مع كل مخلدٍ في النار ؟
6- الخبيث الماكر الذي نسي أن الله خير الماكرين حين أبعد المعتقل الثاني لمركز شرطة الأندلس و خطط لقطع أي صلة بينه و بين جريمة الأحمدي .
7- الراشي الملعون شرعاً الذي حاول استمالة الأطباء في المستشفى ثم هددهم و سعى لتزوير التقرير الطبي الخاص بجثمان الضحية .
8- الأحمق الذي اختار لواءين من نفس عائلة متهمَيْن في الجريمة ليقوما بالتحقيق فيها !! و هي خطوة تنسف الشفافية و الحيادية حتى لو كان أحد اللواءين (راشد) الرأي و الآخر (حميد) السمعة !
9- الكذّاب الأشر الذي صاغ بيان الداخلية الأول و قرر من خلاله تشويه سمعة الضحية و تزييف الحقائق .
10- كبيرهم الذي علمهم السحر فأمنوا العقوبة و لم يخشوا المحاسبة فذكرونا بقول ابن التعاويذي :


إذا كان رب البيت بالدف مولعاً ** فشيمةُ أهل البيت كلهم الرقصُ

و كش .. يا شيخ الدامة !

عبدالله الأعمش

الخميس، 6 يناير 2011

سوق النخاسة السياسية

لقد عرف التاريخ منذ قرون خَلَت استعباد الأفارقة على يد شعوبٍ شرقية و غربية ثم ظهر ما يسمى بالرقيق الأبيض و بعدها وُصف الرياضيون بتلك النعوت حين صاروا يباعون و يُشترون بأمر ملاّك نواديهم ، أما أحدث صور العبودية التي نعاصرها فهي أن يبيع الحر نفسه بمحض إرادته لسيد من سادات سوق النخاسة السياسية ! و في هذا السوق لا يُقيد العبيد بالسلاسل ولا يُحبس الرقيق في الأقفاص بل يدخلونها برغبتهم و يضعون الأغلال في أعناقهم .. بأيديهم !
في شمال السوق تُباع النساء و تُشترى ، فتلك أَمَةُ تبيع أفكارها و معتقداتها من أجل سيدٍ يمنحها .. (الفحم) ، أما الأخرى فتسخّر لسانها و حنجرتها مقابل منصب يهبه مالكها لبعلها ، و ثمن ثالثة الإماء هو (روضة) من رياض .. الدنيا !
في جنوب السوق يقف الرجال .. و أشباههم ، كلٌ يستعرض مهاراته ليحظى برضا وزيرٍ له سطوة أو شيخٍ من الصفوة أو تاجرٍ .. فارسي ذي ثروة ، فتجد أحدهم يهِب كرامته باستجداء و الثاني يتبرأ من قبيلته باستعلاء و الثالث يقذف عمامته .. دون استحياء !
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروةٍ ** خضعت لديه و حرّكت أذنابها
و إذا رأت يوماً فقيراً عابراً ** نبحت عليه و كشّرت أنيابها
لا تجد في السوق أَسْوَداً بلون المسك فأشباه عنترة العبسي يترفّعون عن الذلّة ، لكن سواد قلوب مرتادي سوق النخاسة تكشفه أفعالهم المشينة كالرشوة و شهادة الزور و بيع الذمة و أكل المال الحرام و غيرها من أصناف الفساد ، يَلِجون السوق أحراراً فقراء و يتركونه عبيداً أغنياء كما يدخله آخرون و وجوههم مسفرة ثم يخرجون منه و على وجوههم غَبَرَة .
عند بوابة السوق تجد إثنى و عشرون حراً أبوا الخنوع و رفضوا الرِّق و أوفوا بالعهد و ما خانوا الأمانة فأصابتهم بذاءة الفاجرة سجاح و أكاذيب مسيلمة الذي سَطَّرتُ فيه قصيدة مطلعها :
لا (النُبل) فيك ولا (الفضيلة) مبدؤك ** أنت الكذوب و شتم خصمك ملجؤك
فما وهنوا أمام ضربات النخاسين و ما سقطوا في حبائل إغراءاتهم كغيرهم من .. الساقطين ، فالتفّت حولهم جموع الأحرار و ساندتهم جماهير الأبرار فقصدهم آلاف الزوّار في ساحةٍ تدعى .. الصفاة ، و في ذلك اليوم حوصر سوق النخاسة بمن فيه من سادة طواغيت و أزلام مناكير و طوّقته القلوب المشرئبة لعبق الحرية و المتلهفة لنسيم الكرامة و الطامحة لرياح .. التغيير .
و صدق من أنشد : لو دامت لغيرك ** ما اتصلت إليك

للتاريخ : حين أدلج القوم لديارهم من (موقعة سوق النخاسة) رأوا على قارعة الطريق بعض إخوانهم المتخلفين عن الركب ، و قد كان منهم حبشي و فارسي .. و (رومي) !