السبت، 25 أغسطس 2012

الصراع بين الإخوان وإيران

يتفق السياسيون على أن العلاقات بين الدول والأحزاب الكبيرة لا يمكن تصنيفها في خانة (العداء) أو (الحلف) من خلال لقاءات عابرة أو تصريحات متفرقة أو في فترات زمنية قصيرة، بل يتم قياسها من خلال تقييم عدة سنوات وفي أقاليم متفرقة وأثناء أحداث سياسية مختلفة.

إن من أبرز العلاقات التي تم تحريفها واختلاق أسطورة حولها هي تلك التي تجمع الجمهورية الإيرانية وجماعة الإخوان المسلمين في حلفٍ واحد، حيث عمدت دوائر أمن خليجية وفلول أنظمة دكتاتورية وجماعات جامية وليبروجامية إلى نسج وبث تلك الأسطورة التي لا تستند إلى أدلة رصينة ولا ترتقي لمستوى تلك الإثباتات المضادة التي تنسف هذه الأسطورة والتي سأتطرق لها لاحقاً ، فأدعياء الأسطورة لا يستندون إلى شيء ملموس سوى مسألة التعاون الإيراني مع إخوان فلسطين (حماس) في غزة ومعركتهم ضد الصهاينة والتي لي عليها 3 ملاحظات:

1-    لا يُعد هذا التعاون من باب المستمسكات والمآخذ على الإخوان المسلمين.

2-    الحصار العربي والتقاعس الخليجي عن دعم حماس أبرز مبررات هذا التعاون.

3-    هذا التعاون أصبح بحكم المنتهي بعد الإنسحاب الحمساوي من سوريا.

أما شواهد الصراع بين الإخوان والصفويين فهي كثيرة وجدية ، وسأذكر أبرزها :

أولاً: جماعة الإخوان سنية المذهب منذ أسسها الإمام حسن البنا ابن الشيخ أحمد الساعاتي صاحب مسند ابن حنبل، وعلى رأس هذه الجماعة علماء وفقهاء لهم مكانة رفيعة في العالم الإسلامي السني من أمثال عمر الأشقر وسيد سابق ومحمد الغزالي وتوفيق الواعي ومحمد الصابوني وفيصل مولوي والددو وأبو غدة وجاسم بن مهلهل الياسين ، ومنهم الشيخ سعيد حوى صاحب رسالة (الخمينية شذوذ في العقائد والمواقف) ومنهم الشيخ القرضاوي الذي يعتبر أول من حذر من (التبشير الشيعي) فهاجمه الإعلام الإيراني بشراسة رغم أنه أحد دعاة التقريب بين المعتدلين من المذهبين وهي الدعوة التي تبناها اليوم خادم الحرمين الملك عبدالله.

ثانياً: تُعتبر الكويت إحدى أبرز مناطق الصراع بين الإخوان والصفويين، فتكتل النواب وبعض رجال الدين والتجار الشيعة وإعلامهم المدعوم من إيران يعتبرون الحركة الدستورية الإسلامية الهدف الأول لحملاتهم التشويهية لأسباب عديدة منها مناهضة الحركة للتغلغل الإيراني في الكويت إضافة لمشاركة (حدس) في فعاليات طرد السفير السوري ودعم عروبة البحرين.

ثالثاً: سوريا كانت أول مناطق الصراع بين الإخوان وإيران في الثمانينات عندما ارتكب العلويون مجزرة حماة الشهيرة بحق الإخوان المسلمين، وحينها برز خطيب الإخوان في الكويت الشيخ القطان محذراً من تلك العصابة الحاكمة ومنتقداً تصدير الثورة الخمينية، واليوم بالتوازي مع مشاركة الإخوان بكل من الثورة المسلحة والمجلس الوطني السوري قامت حماس بإضعاف النظام البعثي حين قررت الإنسحاب من سوريا مضحية بموقعها التاريخي الآمن في سبيل ثورة الشعب السوري .

رابعاً: يساند الإخوان المسلمون في البحرين حكم آل خليفة من خلال البرلمان وجمعية الإصلاح وجمعية المنبر الإسلامي وغيرها من الواجهات التي سخرتها الجماعة أيضاً في سبيل مواجهة العنف والنفوذ الإيراني المتحكم بشيعة البحرين.

خامساً: الدكتور الإماراتي محمد الركن المعتقل والمتهم بانتمائه للإخوان المسلمين له دراسات قانونية ومواقف بارزة دفاعاً عن الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران وهو الموقف الذي عبر عنه إخوان الكويت والبحرين ومصر مراراً، الغريب في الأمر أن بعض الأنظمة الأمنية التي تزعم تخوفها من إيران هي من توطد العلاقات معها حتى بلغ التبادل التجاري بين الإمارات وإيران 25 مليار دولار في عام واحد!

سادساً: في إيران نفسها تعرض للقمع أبرز قياديين في جماعة الإخوان المسلمين الإيرانية، فالشهيد ناصر سبحاني مؤسس جماعة الدعوة والإصلاح أُعدم شنقاً في عام 1990 أما الشيخ أحمد مفتي زادة الزعيم الروحي لسنة إيران فقد سُجن سنوات طويلة حتى فقد بصره وتوفي مظلوماً رحمة الله عليه.

ما سبق ذكره عبارة عن شواهد راسخة على الصراع بين الإخوان وإيران ، ويأتي السؤال المهم الذي أتحدى خصوم الإخوان أن يجيبوا عليه: ما ملامح العلاقة بين إيران ومن يتبنى أسطورة الحلف الإيراني الإخواني؟ وهل الصراع بين الإيرانيين وأصحاب الأسطورة حقيقي كما هو الحال مع الإخوان أم أنه وهمي ولا يتجاوز التصريحات في حين تتوطد العلاقة تحت الطاولة تجارياً (كما في الإمارات) وسياسياً (كما في الكويت) وبغطاء شرعي .. جامي ؟!

 

 
عبدالله الأعمش