الاثنين، 20 فبراير 2012

عبيد .. كَبْوَتان بأسبوع

لقد أرسل الدكتور عبيد الوسمي خلال الأسبوع الأول من عمر المجلس الجديد رسالتين مفاجئتين للشعب المتطلع لإنجازات مجلس الأغلبية المعارضة أثارتا كثيراً من الجدل (السياسي) ولا أقول (القانوني) فهي كما يردد أنصاره المتناقصون: (من حقه) وهو العذر الذي كان يكرره دوماً فداوية الرئيس السابق عندما يُستنكر عليه التعسف بما اعتبروه (حقوق) كاعتقال الخصوم ورفع القضايا والإحالة للمحكمة الدستورية!
لا يختلف اثنان على أن الدكتور عبيد متحدث ماهر وقانوني متمكن وفيه من الجرأة ما عرّضه لضرب قوات الأمن هو وأحد الصحفيين إلى جانب بعض النواب في ديوان الحربش ، لكن هل تكفي تلك الصفات كي يعتبر الرجل نفسه .. بِأُمَّة؟
هل اجتمعت في الدكتور عبيد صفات الإمام القدوة الجامع لصفات الخير؟ أم هل للوسمي ما ليس لغيره من الخبرة البرلمانية الطويلة والحنكة العميقة في العمل السياسي؟ أم هل يصح أن نصدق أن هذا النائب الفاضل يعي مالا يعيه ال49 عضو المنتمين لمشارب عديدة وتوجهات كثيرة؟!
في ظني أن الرجل أصبح يرى في نفسه من القدرات الخارقة مالا نراه ، فربما أعطاه فوزه (الكبير) دفعة قوية جعلت نشوة انتصاره تبلغ ذروتها فارتفع معانقاً السحاب بسرعة صاروخية جعلته يظن أن مَن خلفه هم مجرد سرب من النمل الذي (يحترمهم لأنهم يحترمونه) متناسياً أنه قد يصبح النملة التي إذا دنا زوالها .. ريّشت!
الكبوة الأولى التي تعَرَّض لها كحيلان الدائرة الرابعة تتمثل في خوضه انتخابات منصب نائب رئيس مجلس الأمة مخالفاً إجماع كتلة المعارضة على رئيس السن النائب خالد السلطان ، فكاد تصرفه المنفرد هذا أن يجعل منصب نائب الرئيس من نصيب النائب عدنان عبدالصمد الأقرب للحكومة ، ولم نتوقع حينها أن يكون الجُوَيْهِل أكثر حكمة حيث انسحب من انتخابات الرئاسة لصالح النائب محمد الصقر! و أنا هنا لا أُقارن بين من (يجهل) احترام الناس ومن (نتوسم) به الخير إنما أنا من الناصحين .
أما الكبوة الثانية للأدهم الأصيل فهي قراره المفاجئ المتمثل باستجواب رئيس الوزراء ، وهنا يثور تساؤلان مهمان حول (سرّية) تكتيك الوسمي:
1- لماذا لم يطرح الدكتور عبيد -كاستشارة وليس استئذان- موضوع استجوابه خلال اجتماع زملائه بالمعارضة والذي كان مشاركاً به في نفس اليوم؟ أم أن إلهام الخاطر حل عليه فجأة بعد خروجه من الإجتماع؟

2- لماذا فاجأ الوسمي النواب في ديوان ماجد موسى ملتفتاً عليهم: (وأبيكم توقعون معاي)؟ ولم يكلف نفسه عناء إعلامهم بهذه الخطوة الحساسة قبل إحراجهم علناً؟

في تصوري أن الدكتور المحترم عبيد يحتاج لإستيعاب أهمية العمل الجماعي ومنافع التنسيق بين أركان المعارضة السياسية ، ونحن نذكّره بالتدرج في المحاسبة والتأنّي في المعاتبة بعيداً عن أسلوب الإستعجال والتسرع الذي أيدته فلول الحكومة السابقة ورموز الفتنة البغيضة!
نقول هذا للدكتور من باب (صديقك من صدَقك لا من صدّقك) قبل أن تتحول الإشاعات إلى شكوك تجعلنا نكرر التمحيص بما يقال عن سعيه وموسى لإسقاط جابر بعد سقوط ناصر حتى يُعاد النظر في تكليف الطامح .. أحمد !



عبدالله الأعمش

السبت، 11 فبراير 2012

شيعة الكويت : اجترار الماضي


خلال العقدين المنصرمين من تاريخ الكويت السياسي عاشت الأقلية الشيعية أزهى فتراتها على حساب الأغلبية السنية بجناحيها الحضري والبدوي ، وكانت أشهر العسل هذه بمثابة زواج (أظنه متعة) جمع بين زوجين أحدهما مخدوع والأخرى تحن لأصولها الفارسية .
وقد انتهى ذلك القران المؤقت على يد المعارضة الشعبية التي أسقطت الزوج من عشّه وهزمت زوجته .. في الانتخابات .
إن في حقبة ما قبل هذا الزواج وهي ثمانينيات القرن الماضي مرت الأقلية الشيعية في الكويت بأخطر مراحلها ، كانت تلك المرحلة التي أظنها (عائدة) تتصف بأمرين بتنا نراهما هذه الأيام ، ألا وهما :
- عدائية النظام الإيراني
- الاصطفاف الطائفي

فما أشبه الليلة بالبارحة ، كان النظام الإيراني خلال الثمانينيات يمثل الخطر الأكبر على عرب الخليج ومنابع النفط العالمية فقد دعم الإيرانيون شيعة الخليج من شماله العراقي حتى جنوب الشقيقة السعودية ، وخلالها خطف الشيعة طائرات كويتية وقتلوا ركابها ثم فجروا مقاهي شعبية ومواقع بترولية وحاولوا إغتيال أمير الكويت الشيخ جابر رحمه الله وروعوا حجاج بيت الله الحرام فطيّر السيّاف السعودي رؤوس المجرمين وحكم القضاء الكويتي على بعضهم بالإعدام وأُسقطت جنسيات آخرين فيما فرت شرذمة منهم لإيران .
كانت تلك الصفحات سوداء كالحة في تاريخ شيعة الكويت ولم يتحول سوادها للون الرمادي إلا بعد تحرير الكويت حيث اتجهت الحربة السنية صوب البعث العراقي والذي تقاسم معنا كرهه الإيرانيون والشيعة فترة الغزو الغاشم ليس حباً فينا بل كُرهاً في المجرم التكريتي الذي أخّر تصدير ثورة الخميني .
في نظري أنه وفي الثاني من فبراير الماضي انتبه الشيعة لحقيقة حجمهم والذي لولا دعم المال السياسي والإعلام الفاسد لكان أصغر مما نتجت عنه الانتخابات ، ولأن المصائب لا تأتي فُراداً فقد طُرد السفير السوري الذي استمات الشيعة دفاعاً عنه ، ولهذا قرروا استعادة صفحتهم المطوية من جديد فدشنوها مستغلين تطرق أحد الكتاب السنة لشخصية مزعومة تقبع بأحد سراديب العراق (وليس المهدي الذي حدثنا عنه الرسول صلى الله عليه وسلم) وهي حجة واهية لإثارة البلبلة في البلاد ومحاولة رص صفوفهم المشتتة بعد هزائم الانتخابات وطرد سفير المجرم بشار والتنسيق السعودي البحريني ، وربما تكون ثورتهم هذه بمثابة مجلس عزاء متأخر على روح حكومات حليفهم الرئيس .. السابق .

كلمة أخيرة : أرى أنه من واجب حكماء الشيعة (وهم قلة) أن يجنبوا طائفتهم تبعات مواجهة الأغلبية السنية التي أشارت النتائج الأخيرة لتفضيلها المعارضة عموماً والإسلاميين خصوصاً على حلفاء الشيعة من الحكوميين وبني ليبرال ، و إلا فكيف نفسر دعم المتطرفين من جماعتهم لدعاة الخمور وتزكيتهم لخريجي السجون ؟ أليس هو اعتقاداً منهم أن إشعال فتنة سنية-سنية سيخدم الشيعة ؟

ولكن براقش .. جنت على نفسها !




عبدالله الأعمش

الاثنين، 6 فبراير 2012

دروس من الدائرة الأولى

مع انتهاء معركة الانتخابات البرلمانية في الكويت طُويت صفحة من صفحات الصراع السياسي الكويتي كان أبرز ملامحها نزول الكويتيين للشارع هاتفين بسقوط رئيس وزراءٍ من الشيوخ ومطالبين برحيله وحكومته إلى غير رجعة .
وقد تمخضت هذه الانتخابات عن نتائج كان الكثير منها مفاجئاً لأغلبية المراقبين ناهيك عن رجل الشارع العادي ، وقد كان للدائرة الأولى نصيب من تلك المفاجآت التي يتوجب أن نستل منها الدروس العديدة والعبر المفيدة ، ويأتي في مقدمتها :

1- تجذّر الصراع بين السنة والشيعة :
والذي ترجمته حالة الإصطفاف الطائفي بحيث نظم كل مذهب صفوفه ، فكان للسنة السبق و إسقاط الدكتورة معصومة المبارك التي عُرف أنها فازت بأصوات السنة قبل الشيعة فوقع عكس ذلك في 2-2 حين حصلت على نصف أصواتها (خسرت قرابة 7000 صوت) متدحرجةً من المركز الأول للمركز ال11 .
الدكتور حسن جوهر كان أيضاً ضحية لهذه الصراع ، ورغم أنه من الشيعة إلا أن طائفته هي من أسقطته من منطلق مذهبي ، فقد علت أصوات رجال الدين الشيعة ورموزهم للمطالبة بحجب الأصوات عنه بحجة مخالفته للتوجه (السياسي) للطائفة !

2- ترسخ مصطلحَي القبائل والحضر :
فانتفاضة الحضر وَهَبَتهم 4 مقاعد بعد أن كان لهم مقعد 1 فقط في 2009 ، وأدت هذه الانتفاضة لإزاحة قبيلة العوازم عن عرشها فلم تجني شيئاً بعد أن كان لهم مقعدان تلطخا بفضيحة (القبيضة) وهو السبب الأول لخسارتهما وتأتي بعده عدة أسباب منها انعدام تنسيقهم مع الحضر وانعدام تنسيق مرشحيهم فيما بينهم .

3- هزيمة نكراء للتيار الليبرالي :
تحققت هذه الهزيمة في مختلف دوائر الكويت لكن آثارها في الدائرة الأولى كانت بارزة ، فجميع ممثلي أفرع التيار الليبرالي سقطوا كالرومي والعبيد والوسمي والشريعان ، وأبرز سببين لهذا السقوط يتمثلان بقوة التوجه المحافظ لأهل الدائرة ونقمة الشارع الكويتي من المواقف السياسية لأغلب الليبراليين بالمجلس السابق .

4- انتصار التيار الديني :
فهذا التيار حجز 9 من المقاعد التي جنى منها الإسلاميون السنة 3 بعد أن لم يكن لهم شيء في 2009 ، فيما يتبنى كل الفائزين الشيعة خطاباً مذهبياً يطرحه 4 ممثلين لتيارات دينية و2 يشتهران بتصديهما لقضايا الشيعة على المستويين المحلي والدولي .

5- فوز قوائم الدواوين :
حيث أن دواوين الدائرة الأولى –بالذات الحضر السنة- اجتمعت وقررت دعم من 4 إلى 6 أسماء مقبولة لدى شرائح كبيرة من سكان الدائرة بحيث تتلاشى مشكلة تشتيت الأصوات ويتحقق التركيز ، وهو ما أثمر عن فوز أبرز تلك القوائم ووصول 4 من ال6 المدعومين من قبل هذه الدواوين .

6- نجاح إتحاد السلف وحدس :
فمرشح التجمع السلفي الدكتور الكندري ومرشح الحركة الدستورية الإسلامية المحامي الشاهين أعلنا اتحادهما بمباركة رموز التيارين كالشيخين المهلهل والمسباح ، وقد حقق هذا الإتحاد نتيجة مبهرة تمثلت بحجز المركزين الثالث والرابع هو ما يؤكد الرغبة الشعبية في تحالف التيارات الإسلامية وتجاوز خلافاتها .


عبدالله الأعمش