الاثنين، 28 نوفمبر 2011

فإن زدتم .. زدنا

أستغرب من الذين لا يعون الدروس الحاصلة حولهم والعبر المشهودة في دول ليست بعيدة عنهم ، ففي كل مكان ثار به شعب ترسخت عدة ثوابت لايمكن إغفالها ، ومنها :

- أن صبر الشعوب لا ينفذ وأن قوة احتمال الجماهير لا حد لها ، فابن علي التونسي فر حين تأكد أن أهل تونس لن يوقفهم خطاب أو قمع ، وكذلك فعل مبارك المصري لكن يد العدالة كانت إليه أسرع .
لهذا أرى أن المراهنة على عاملَي الملل واليأس ليست من الحكمة وأن الإعتماد على سلاح الوقت ليس من الفطنة .

- أن الشعب لاينسى من خذله ولا يغفر لمن وقف ضده ولو انجلت الغمّة ، وهاهي القائمة السوداء جليّة لايمكن تحريفها بعد فوات الأوان ، ورغم أن باب التوبة مفتوح لمن تخلى عن الشعب إلا أن السذاجة ليست ديدن الأحرار ، فليس من شيمهم أن يرضخوا أمام عطية شيخ أو هدية حاكم كما هو الحال مع الحاشية الرخيصة .

- أن سقف المطالب يرتفع يومياً ، فكلما تأخر إنصاف الشعب زادت مطالبه واتسعت رقعة رغباته ، بدايةً يطالب الناس رئيسهم بتطبيق العدالة ثم إن تأخر طالبوا بتطبيقها .. عليه ! ففي اليمن نادوا أولاً بتنحي صالح ثم حين (عاند) نادوا بتنحيته غصباً .. ومحاكمته أيضاً .

- إن مساحة النقد والسخط تزداد ، في البداية ينتقد الناس الوزراء ثم رئيسهم ثم يعلو السقف في دواوينهم وخيامهم ورسائلهم ، فتجد القانون الذي يمنعهم عن الحديث بهذا الشأن مطبقاً بالعلن لكنه منتهكٌ وللأسف بالسر وخلف الأبواب والشاشات ! وليس القضاء ورجاله بمعزلٍ عن تلك الإحتجاجات العفوية ، لهذا أتساءل : كيف يتسبب المحميون (أشخاصاً ومؤسسات) بزهق روح القانون الذي يصونهم سراً ؟ أليس الأجدر بهم أن يزرعوا احترامهم في قلوب الناس بدلاً عن انتهاج الترهيب مسلكاً والتخويف وسيلةً في تعاملهم مع الشعب ؟!

أخيراً ، كلما طال حال عدم الإستقرار زادت خسائر الحكومات (العنيدة) ، فالصوت بوجهها يرتفع والبطانة عنها تنفض والهيبة تصبح حلماً والكُره يصير واقعاً والذِكر الطيب لا يبقى .. فما عاد في العمر بقية .

الجمعة، 18 نوفمبر 2011

تذهبون .. ويبقى الشعب


ذهب الماسوني أتاتورك وبقي من حاول إرهابهم بجيشه العلماني ، وذهب الظالم عبدالناصر فيما بقي من علّقهم بالمشانق ، ذهب الطاغية ابن علي وبقي من قمعهم عقود ، ذهب الدكتاتور مبارك وبقي من كانت تغص بهم سجونه ، ذهب المجرم القذافي وبقي من نعتهم بالجرذان !
ذهبوا إلى غير رجعة غير مأسوف عليهم إما لمقبرة أو مستشفى أو منفى ، ذهبوا وبقيت ذكراهم السيئة وقراراتهم المقيتة ووعودهم الكاذبة وخطاباتهم المملة وسمعتهم الوضيعة وعلاقاتهم المشبوهة بالصهاينة .

ذهب الذين ظلموا وبقي الذين ظُلِموا ، زال من حسبوا أنفسهم جبابرة وبقي من سجدوا للجبار الواحد الأحد ، أذل الله من بطشوا وسفكوا الدماء ، وأعز سبحانه من صبروا وقالوا كلمة الحق في وجه السلطان الجائر ، فهو عز وجل الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء .

ليست تلك القواعد بعيدة عن أي حاكم ولا يُستثنى منها أحد بتاتاً ، ومهما كانت قوة السلطان وسطوته فلن يقدر على هزيمة الشعب ولن يصمد في وجه الأمّة المطالبة بالعدالة والحرية ، إنها الحرية التي قال عنها أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم رحمه الله : (لا كرامة من غير حرية ، ولا حرية من غير كرامة) فلا نفع من الديمقراطية التي يُضرب في ظلها الشعب ونوابه وتُنهَب في حماها أموال الدولة وثرواتها !

إن أراد الأمراء حماية أنفسهم فعليهم أن يحموا شعوبهم ، وأن يعطوها قبل أن يأخذوا لأنفسهم وأن يستمعوا لها قبل أن يأمروها بالإنصات وأن يُبعدوا الحاشية الفاسدة قبل أن يقرر الناس إبعادها بأنفسهم ، وفي التاريخ شواهد عديدة تثبت أن الشعوب هي من تحدد مصائر حكامها فتُسقطهم من عروشهم كالروماني تشاوشيسكو وقد تُثَبِّتهم عليها كما حصل مع أسرة الصباح أثناء الغزو العراقي للكويت ومرة أخرى حين اختار البرلمان الكويتي استناداً للدستور سمو الشيخ صباح الأحمد كي يصبح أميراً للكويت .

عبدالله الأعمش



الأربعاء، 9 نوفمبر 2011

اللي مافيه خير !

(اللي فيه خير فيكم يطلع) هذا ماقاله العقيد الكويتي (المفضوح) أثناء إعتداء أزلامه على المواطنين وممثلي الشعب في ديوان الحربش بأمر من الوزير المخلوع (احطبة الدامة) !
تفاصيل فضيحة (سكران العيد) بينت أن مرتكبها وقائل تلك الجملة المشهورة هو الذي لا خير فيه ! فلا خير في مخمورٍ على يختٍ مشبوه في وقت يحج به ملايين المسلمين ! ولا خير في رجل أمن يروّع فتاة ويضربها في ليلةٍ ظلماء ! ولا خير في عقيد يقتحم مركزاً للشرطة من أجل كسر القانون وتزييف الحقيقة !


هذا العقيد المخمور بعد أن داس على الدستور بديوان الحربش ظهر بكل بجاحة في المسرحية الأمنية التي بثها التلفزيون الرسمي تحت عنوان المؤتمر الصحفي لوزارة الداخلية ! ويومها أجمع المشاهدون على أنه كان أكثر المتحدثين عنجهية وأفشلهم إقناعاً وأضعفهم أسلوباً مما يضع علامات إستفهام على من يسنده ويحميه ويقوي شوكته .. التي كُسِرَت يوم أمس !


فضيحة هذا العقيد تؤكد أولاً أن الله يمهل ولا يهمل ، وثانياً أن أدوات السلطة سيئة وبطانة الحكومة فاسدة ، وثالثاً أن (الشق عود) حيث تستر البعض على حفلات اليخت ثم رفض مخفر ميدان حولي القيام بواجبه فيما حاول مسؤولون إيقاف تطبيق القانون على .. نديمهم !!


اللهم لا شماتة ، هذا الذي نطق شهادة الزور بلسانه مكذباً ما أثبتته الصور و الأفلام أصبحت فضيحته على كل لسان .. فاللهم استرنا بالدنيا والآخرة .

الخميس، 3 نوفمبر 2011

كل مواطن .. جاسوس !



بعد تحرير الكويت من براثن البعث البائد انتشر شعار (كل مواطن خفير) بهدف التبليغ عن المتعاونين مع الغزاة والقبض على المتواطئين مع المحتل ، وقد نجح ذلك التحرك الذي كان أساسه التعاون مابين المدنيين والمؤسسة الأمنية من أجل تطهير البلاد من فلول الطاغية العراقي .
اليوم تحتاج الكويت لرفع مثل هذا الشعار من أجل انتشال الدولة من مستنقع الفساد الذي لوّث حتى المؤسسة التشريعية المسؤولة أساساً عن مكافحته !

سواء كان الشعار (كل مواطن جاسوس) أو (كل مواطن فتّان) فالعبرة في الفكرة التي تتمثل في ضرورة أن يشارك كل مواطن في فضح المفسدين وكشف التلاعب بثروات الشعب عن طريق تبليغ النواب الشرفاء والصحافة النزيهة والمواقع الالكترونية المحايدة بما يكتشفه من تجاوزات وكسر للقانون ونهب لأموال الكويتيين .

كم هي مؤلمة ضربة التحويلات المليونية بالنسبة للمفسدين ! وكم هو صاعق انتشار خبر الرشاوى بالنسبة للقبيضة ! فهل نكررها مراراً حتى تتهاوى شبكتهم الإجرامية ؟!

تخيل أن كل وزير ووكيل ومدير ومسؤول يحيط به المئات وربما الآلاف من المراقبين النزيهين ، حينها من سيجرؤ على سرقة بيزة ؟!
في التسعينات نجح التعاون (الشعبي الأمني) في مواجهة الغزاة ، فهل ينجح اليوم تعاضد (الشعب والمعارضة) في وجه الفساد ؟!؟



أخي المواطن : كن كرأفت الهجّان .. جاسوس طيّب .

الخميس، 25 أغسطس 2011

بلاغات للنيابة العامة


صعقتنا النيابةالعامة بالإجراءات المفاجئة التي اتخذتها في حق عضو مجلس الأمة المحترم محمد هايف المطيري بحجة هدره لدم سفير النظام السوري البعثي الإجرامي قبل أيام وهي التهمة التي نفاها مؤكداً أنه طرح الموضوع كسؤال شرعي أراد أن يجد له فتوى من قبل علماء الدين .

الغريب في هذا الأمر الذي قامت به النيابة هو اختيار العشر الأواخر المباركة من هذا الشهر الفضيل لملاحقة هذا الرجل المشهود له بالتدين ، الأغرب من ذلك هو أن النيابة استدعت الرجل في يوم عطلة نهاية الأسبوع ، أما ثالثة الأثافي فهي رفض إطلاق سراح هذا الرجل قبل دفعه لكفالة تقدر بألفي دينار وكأنه غير كويتي ومجهول العنوان بحيث يُحتمل فراره ،أما الطامّة الرابعة فتتمثل في منعه من الصلاة في تعسف غير مقبول لايتفق مع تعاليم الدين الحنيف وعاداتنا الأصيلة !

الإيجابية الوحيدة في هذه الحادثة تتمثل في النشاط الذي تضاعف في جسد مطبقي العدالة وحماة القانون الذين اقشعرت أبدانهم من (جريمة) تهديد السفير السوري اللواء المتورط بجرائم قمعية منذ سبعينيات القرن الماضي ، لهذا أود أن أستغل فرصة الصحوة المباركة لأجهزة القانون في الدولة وأقدم لها عدة بلاغات تفوق بلاغ السفير السوري أهمية وخطورة وحساسية ، فأقول مستعيناً بالله :

1- بلاغ بشأن رشاوى تناهز ال25 مليون دينار تقاضاها أعضاء في مجلس الأمة .
2- بلاغ بشأن تطاول بعض النواب والمحامين والصحف على مملكة البحرين الشقيقة وملكها وحكومتها والتدخل في شؤونها الخاصة مما يهدد أمنها ويزعزع استقرار دول مجلس التعاون الخليجي ككل .

3- بلاغ بشأن تحريض بعض الناشطين السياسيين للحكومة البعثية السورية وحثها على الإستمرار في قمع الشعب السوري والتنكيل بالمدنيين العزل هناك مما يعد دعماً وتشجيعاً لجرائم ضد الإنسانية .

4- بلاغ بشأن التهديد بالقتل الذي وجهته قناة سكوب على الهواء مباشر للنائب الدكتور السيد وليد الطبطبائي .

5- بلاغ بشأن عمليات غسيل أموال وتحركات سياسية مشبوهة يقوم بها شخص سوري يُدعى (كيوان) وله ارتباطات وثيقة برموز النظام الإجرامي في سوريا .

6- بلاغ بشأن قيام صحيفة يملكها رجل أعمال تم تجنيسه حديثاً بالتطاول على علماء السنة ورموز الفتوى في الجزيرة العربية ، مع الإصرار على انتهاج الطرح الطائفي الذي يشق المجتمع الكويتي .

7- بلاغ بشأن شيك بمبلغ 12 مليون ريال سعودي استلمه النائب عسكر العنزي ، ورغمأن عدة وسائل إعلام نشرت صورة الشيك إلا أن النائب لم ينفي صحته .

8- بلاغ بشأن تهديد بالقتل وجهه أحد أبناء الأسرة لوزير الصحة الدكتور هلال الساير على قناة سكوب .


هذه نماذج من بعض البلاغات العديدة التي يتطلب حصرها أياماً مديدة ، وأسأل الله القدير في هذا الشهر الفضيل أن ينير بصيرة إخواننا في المؤسسات المسؤولة عن العدالة وتطبيق القانون وأن يسدد خطاهم في طريق إحقاق الحق ونُصرة المظلوم ومحاسبة الظالم ومكافحة الفساد وتصفيد شياطين .. الإنس

عبدالله الأعمش


الاثنين، 15 أغسطس 2011

بين لحيَتَي المطيري والقلاف


يختلف النائبان الكويتيان محمد هايف المطيري وحسين علي القلاف اختلاف المشرق والمغرب منهجياً وفكرياً ومذهبياً وطائفياً ، فالأول معارض سني سلفي بدوي هادئ في خطابه أما الثاني فهو حكومي شيعي درس في إيران و اشتهر بصراخه بل واستخدامه للعصا في شجاراته تحت قبة البرلمان رغم أنه مؤلف كتاب (مرآة الأخلاق) !

يجتمع هذان النائبان النقيضان في لحية يطلقانها من منطلق ديني ، لكن أبي عبدالله العبدلي أثبت أن لحيته السنية تنصر المظلومين في سوريا وتعطف على المضطهدين هناك كما تدفعه هذه اللحية لمواجهة الجزارين وممثليهم في الكويت من أمثال سفير البعث السوري .

أما لحية أبي صادق البحراني فقد حثته على الانتصار للسفاحين في دمشق وللعلويين في حزب البعث الذي اشتهر شقه العراقي بقمع الشيعة في بلاد الرافدين ! هذه اللحية الشيعية لم تهتز شعرة منها أمام مناظر القتل ومشاهد التعذيب التي ينفذها شبيحة النظام المجرم في سوريا .

فرغم عدم اعتناق السنة لمعتقدات المظلومية ونظريات الاضطهاد وقصص الاستهداف وتخوفات الأقليات إلا أنهم كانوا أكثر إنسانية وتأثراً بما يحدث في الشام ، في المقابل أثبت الذين أقاموا الدنيا أثناء مظاهرات البحرين أنهم متعصبون مذهبياً وتابعون لنظام آيات الله في إيران والذي تستميت آلته الحاملة لشعار الإسلام من أجل تثبيت النظام العلماني البعثي ذي المعتقد الكافر في سوريا !

يشن البعض هذه الأيام هجوماً على النائب محمد هايف لأنه استفتى العلماء في مسألة إهدار دم السفير السوري ، ورغم جرأة المسألة إلا أنها حق شرعي وقانوني لأي مسلم وليس لوزارة داخلية أو غيرها أن تصادره ، فالجواب مهما كان شكله فسيكون التعامل معه بيد ولي الأمر وحده ، و أنا من مقالي هذا ورغم علمي بحرمة دمه إلا أنني أكرر السؤال نفسه تأكيداً على حقي في طلب الفتوى : هل يجوز إهدار دم السفير السوري ؟ أم أن دماء آلاف السنة والدروز والمسيحيين وبعض العلويين أرخص من دمه المحمي دبلوماسياً حسب اتفاقية فيينا ؟!

عبدالله الأعمش

الاثنين، 8 أغسطس 2011

هل تنفع (السلمية) في سوريا ؟




البعث السوري يقتل المتظاهرين ويدك المناطق المنتفضة بالقذائف ويُعذب المعارضين للنظام وتنتشر شبّيحته في حارات الشام لتنفيذ إعدامات علنية لكل من يُشتبه في مطالبته بالإصلاح في سوريا .

ورغم تلك الصورة المرعبة إلا أن البعض مازالوا يعتقدون مخطئين أن زوال نظام البعث المخابراتي في سوريا سيسقط سلمياً ! وهم يظنون بأن غالبية الطائفة العلوية ستتخلى عن مكاسبها التي جنتها في سوريا طوال عقود بسبب مظاهرات شعبية تُرفع فيها اللافتات وتُنشد بها الأهازيج !

لا أعتقد أن الذبح المنظم ستردعه مسيرة يقوم بها مدنيون عزل ، ولا أظن أن الدبابات ستوقف قصفها بسبب اعتصامات أو إضرابات ينظمها السكان المدنيون ! فليتذكر السوريون أنهم يواجهون نظام يعتمد على الإجرام والمجازر والاغتيالات وكل ما هو دموي في سبيل بقائه وتحقيق غاياته .. الدنيئة ، فهذا النظام هو من ارتكب مذبحة حماة التي حاصرها البعثيون في الثمانينات وقتلوا حينها عشرات الآلاف من البشر ، وهذا الحزب الحاكم هو من شارك في تدمير لبنان وتصفية الكثير من المعارضين له ولأعوانه في تلك البلاد المستباحة ، وهذه الزمرة الظالمة هي من قتلت الأطفال في درعا ومثّلت بجثث خصومها واقتلعت حناجر الصادحين بكلمة الحق .

إن من الخطأ تطبيق السيناريو المصري على الوضع السوري ، ففي مصر وقف الجيش بداية على الحياد ثم انضم للشعب مجبِراً نظام مبارك على التنحي مما وهب المظاهرات السلمية في ميدان التحرير نصراً مؤزراً كللته محاكمة الدكتاتور المخلوع ، أما الجيش السوري فوضعه مختلف حيث لازال مؤيداً للنظام ومعلناً حربه على الشعب في كافة المناطق السورية ، و إن أخبار بعض التسرب البسيط في صفوفه والذي لم يرقى حتى لمستوى الإنشقاق لا تبشر بقرب انقلابه على النظام الدكتاتوري .

إن الحل الليبي هو ما يجب أن يُعمل به في سوريا ، فقد انتفض الناس و هبّت القبائل هناك في وجه نظام القذافي وكتائبه قبل أن ينقسم الجيش الليبي الذي مازال جزء كبير منه في صف الدكتاتور وأبنائه ، مما يجعلنا نعتقد أن القبائل السورية عربية كانت أو كردية لن يستحيل عليها صد عصابات الشبّيحة وخلايا المخابرات التي تمثل أقلية طائفية متسلطة لن تستطيع الصمود في وجه بقية الطوائف والأعراق التي يتكون منها المجتمع السوري ، فما هي نسبة البعثيين مقابل الجبهة السنية والعشائرية والكردية والمسيحية والدرزية والصوفية والسلفية والإخوانية والشيوعية وغيرها ؟!

إن المبالغة في التمسك بالسلمية لن تنفع الشعب السوري في ظل التباطؤ الدولي والتقاعس العربي ، فالعالم لم يتدخل بقوة في ليبيا إلا عندما أعلن الشعب انتفاضته المسلحة ضد ملك ملوك أفريقيا ، لأن المجرم حينها تحول من القمع السري إلى العلن مما أعطى ذريعة لقوات الناتو ومجلس الأمن لإيقاف ذلك العقيد المعقد نفسياً ومحاصرته في جزء من البلاد التي استعبد شعبها منذ منتصف القرن الماضي .

نقول للسوريين الشرفاء ، لا ندعوكم لقتل الأبرياء ولا الانتقام من العلويين ، لكن احموا بالسلاح مناطقكم من فرق الموت البعثية ، فماذا تخشون أكثر من الذي يحصل الآن ؟ لقد دكتكم الدبابات وانهمر عليكم الرصاص حين تيقن القاتل بأن شعاركم هو .. سلمية سلمية !

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : {إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثاً من الموالي أكرم العرب فَرساً وأجوده سلاحاً ، يؤيد الله بهم الدين } .


عبدالله الأعمش




الثلاثاء، 26 يوليو 2011

نشر غسيل تيار أسيل

أتحفتنا (النائبة) أسيل بتصريح صحفي احتوى العديد من المغالطات وقلب الحقائق كمؤشر آخر لتخبط تيارها الليبرالي الذي يعاني من انسلاخ فكري رهيب أدى لاستياء كبير بين أعضاء ومؤيدي هذا التيار وتزامن مع انتقادات واسعة من الخصوم ، فهم كانوا ولعقود خَلَت يتشدقون بالوطنية مرةً والحفاظ على المال العام مرة أخرى ، لكنهم اليوم لم يكتفوا بعقد الصفقات السرية مع الحكومة المتخبطة بل إنهم عندما فاحت رائحة ذلك الاتفاق جاهروا بالتصريح عن رغبات إضافية ومطالب أخرى يُقال أن الحكومة رفضت ضمها للصفقة –مؤقتاً- خوفاً من غليان الشارع .. المحافظ .



كلمات أمين عام التحالف الوطني وما بعده من مقالات الكوادر وآراء الرموز الليبرالية وآخرها تصريح (النائبة) أسيل إن لم تُفسر بأنها مطالبة بتوسيع الصفقة فهي بدون شك محاولة فاشلة للتغطية عليها ولتشتيت رد فعل الشارع المحتج على الثمن الباهظ الذي قدمته الحكومة لليبراليين والتجار مقابل مساندتهم لرئيسها .. أبي اللغات .



(النائبة) أسيل تناقضت وبشكل غريب في تصريحها الأخير ، فتباكت مرةً على الطلبة الغير مقبولين في الجامعة مطالبة بإيجاد حل لمشكلتهم ثم انتقدت الوزير بسبب قرار رفعه لأعداد المقبولين الذين تقول النائبة أنه ليس للجامعة قدرة استيعابية تحتويهم !


هذه (النائبة) أتت بما لم تأتي به الأوائلُ حين زعمت أن طبيعة المجتمع الكويتي وتعامل الشباب مع البنات لا تستقيم مع فصل الجنسين أثناء الدراسة ! ونسيت بل تناست العضوة السابقة في الوسط الديمقراطي أن القوائم الإسلامية والمحافظة تحوز على معظم أصوات طلبة وطالبات الجامعة في انتخابات اتحادهم الذي يقوده المدافعون عن العادات الأصيلة منذ ما يزيد عن ثلاث عقود فيما تحنطت القائمة الليبرالية في قاع ترتيب النتائج ! وهذا الواقع يعبر عن نبض الجيل الشبابي الذي يسلك الاتجاه الآخر الذي تسير (النائبة) وجماعتها بشكل معاكس له .


تدّعي هذه (النائبة) أن فصل الاختلاط يكلف الدولة مبالغ طائلة ، وكأن تيارها لم يرضخ لرئيس حكومة متخمة بالفساد والتبذير وسرقات المال العام ! ثم لماذا التقتير على أجيال المستقبل والإصرار على حشرهم في جامعة واحدة مختلطة فيما نبني لغيرنا الجامعات ونصرف الملايين على حكومات قمعية طائفية ؟!


الخطأ الآخر ولا نظنه الأخير في تصريح (النائبة) الليبرالية يتمثل في قولها أن السلطتين في الكويت تخضعان للهيمنة الدينية ! وطبعاً هي تقصد الدين الإسلامي ، لكنها تجاهلت حقيقة أن السلطة التشريعية يختارها الشعب بطريقة ديمقراطية مما يعني تفضيل الكويتيين للممثلين المحافظين الأقرب لعاداتهم الأصيلة ، أما السلطة التنفيذية فلا يُنكر أحد -سوى النائبة- بأنها بين يدَي الليبراليين وتكتل التجار ولا أثر يُذكر لتأثير الإسلاميين عليها بتاتاً .. إلا إذا كانت تقصد علماء السلاطين المنتقدين للثورات الحرة والذين يُقصون الخطباء المستنكرين لجرائم البعث في سوريا !



قال ابن القيم رحمه الله في الصواعق : (أهل الكلام والفلسفة أشد اختلافاً وتنازعاً بينهم فيها من جميع أرباب العلوم على الإطلاق ، ولهذا كلما كان الرجل منهم أفضل كان إقراره بالجهل والحيرة على نفسه أعظم) .. ومنّا إلى جهابذة (الفلسفة) !






عبدالله الأعمش

الاثنين، 25 يوليو 2011

حوارٌ مع .. اختلاطي !


تكاد شرارة معركة الاختلاط في الكويت أن تتم يوبيلها الذهبي، فقد اشتعلت في ستينيات القرن الماضي ومازال دخانها يتصاعد بين فينة وأخرى رغم انتصار معارضي الاختلاط بعد عقود من التطاحن السياسي والنقابي والفكري بين تيارين يرفع أحدهما راية الدين فيما يرفع الآخر راية الحرية.

خلال العقود الأولى من تأسيس الجامعة كان الناس يتابعون (رموزاً) تتحاور حول هذه القضية كالوزير الأسبق السيد يوسف الرفاعي والدكتور أحمد الخطيب التي تُعَد مناظرتهما مثالاً لعدة صولات وجولات خاضها الفريقان المتنافران فكرياً ، لكنني اليوم كمعارض للاختلاط أجد أن الخصم صار مختلفاً ، فهو أقرب للسذاجة وطريقة نقاشه ضحلة ونوع شبهاته التي يطرحها سطحية وردوده فارغة فأصبح لا يستحق عناء الرد عليه ولا يرقى لمستوى الحوار الجدّي والمُجدي ، فاضطررت لخوضه بطريقة أكثر بساطة لضمان استيعاب عقول الخصوم له ، مع علمي بأن طرحهم لهذه المسألة (المنتهية) في هذا الوقت يهدف لذر الرماد في أعين الجماهير وتشتيت انتباه الشارع عن فضيحة الصفقات المتوالية والعقود المتتالية التي أبرمتها الحكومة مع التيار الليبرالي التغريبي!

قال لي أحد الاختلاطيين : إن فصل الجنسين يتسبب بإرباكٍ في جداول المواد الدراسية وإغلاقٍ للشعب وغيرها من سلبيات فنّية.

قلت له : أكد المسؤولون في الجامعة وإتحاد الطلبة أن سبب المشكلة ليس فصل الجنسين بل هو في المنشآت والكوادر التدريسية، وأن تحقيق الحل الكامل يتم عن طريق إنشاء كليات جديدة وتوسيع المباني الحالية بعدة ملايين كالتي قدمتها حكومتنا للنظام البعثي في سوريا أو التي بنت بها جامعة للأشقاء اليمنيين، فليس الحل في حشر الطلبة والطالبات بفصول مختلطة بحجة عدم توفر قاعات دراسية!

قال : الاختلاط ليس حراماً!

قلت : بل حرّمه كبار العلماء وحذَّر منه آخرون وأما من أباحه أوجَبَ الضوابط الشرعية مثل الحشمة التي لم تتحقق في الجامعة ، ثم إن القاعدة الشرعية تقول أن ما أدى للحرام فهو حرام كالاختلاط المؤدي للخلوة وإطلاق البصر وغيرها من مفاسد حرمها الشرع الحنيف.

قال : حتى في الطواف اختلاط!

قلت : وهل اللباس في المكانين واحد؟ أم أنك لا تُفرق بين المعتمرة المتسترة المحجبة المتجنبة للمساحيق والألوان المبهرة وتلك الطالبة المتبرجة السافرة اللابسة للقصير مرةً والضيق مرة أخرى ؟! وهل نقارن بين الأجواء الروحانية والخشوع والوقار وقراءة القرآن في الحرم بأجواءٍ دنيوية تتنافس بها الأزياء والموضة ويعم فيها المزاح والغنج في بعض الكليات ؟!

قال : الاختلاط في كل مكان خارج الجامعة !

قلت : أليست للنساء منتزهات خاصة ؟ وللعائلات أيامٌ دون الشباب في الحدائق ؟ وللإناث مكاتب وغرف منفصلة في أغلب وزارات الدولة ؟ ثم إن احترام الجامعة للعادات والتقاليد لا يجب أن يتأثر بإهمال المؤسسات الأخرى لها ، فمستويات احترام الدين متفاوتة .

قال : الحرية في الاختلاط !

قلت : بل الحرية في الفصل بين الجنسين ، فحينها لن تُحاصَر غالبية الطالبات المحافظات بطلبة ذكور ، كما لن يتعرض الطلبة الملتزمون بالأصالة لحرجٍ تسببه بيئة مليئة بالزميلات ، فأين الحرية في إجبار الناس على اختلاطٍ لم تربيهم عليه أسرهم المحافظة ؟ فليذهب من أراده -غير مأسوفٍ عليه- إلى جامعات غربية أو أخرى شرقية.

قال : أين الديمقراطية؟

قلت : هي في الفصل، فقد تم إقرار قانون منع الاختلاط بشكل ديمقراطي من خلال البرلمان ، كما صوت آلاف الطلبة والطالبات في انتخابات اتحادهم بالجامعة للقائمة التي تعارض الاختلاط ، فيما لم تؤيد الخلط بين الجنسين سوى قائمة طلابية واحدة نتائجها الانتخابية متردية !

قال : في السعودية جامعة مختلطة !

قلت : هنا الكويت ! وعندهم تُمنع المرأة من قيادة السيارة ومجلسهم مُعيّن غير منتخب ولباس طالباتهن ليس كلباس طالباتنا، فمقارنتك وُلدت ميتة.

قال : في الدول المتقدمة اختلاط!

قلت : وفي مطاعمهم خمور، وفي صيدلياتهم مخدرات، وفي فنادقهم دعارة! ثم إن العديد من مدارس بريطانيا وأمريكا وأستراليا عادت لنظام فصل الجنسين بعد دراسات عديدة أكدت المنافع التربوية للفصل والعيوب النفسية للاختلاط .

قال : ألا تثقون بهن ؟

قلت : ألا تغار عليهن ؟

فتَمعّر وجهه .. و انصرف !

فتذكرت قول الإمام علي كرّم الله وجهه : {بلَغَني أن نساءكم يخالطن العلوج في الأسواق ! أما تستحيون أو تغارون ؟ إنه لا خير في من لا يغار}.


عبدالله الأعمش


الثلاثاء، 19 يوليو 2011

المقامة الدسمانية : الفداوية !






للإستماع للمقال :


http://www.4shared.com/audio/FIyblFJO/_online.html




حدّثنا عدنان ابن أُثيلة قال : فيما كنا نصيد السمّان بمنطقةٍ يقال لها دسمان ، سألت الشيخ الأزرق ابن كُليب عن (البصّامة) .


فقال : هي فرقة عند السلاطين نمّامة

وللمعروف ذمّامة

ولأهله شتّامة

وليس فيهم استقامة !

ثم أنشد :


إن يسمعوا ريبةً طاروا بها فرحاً ** مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا


صُمٌ إذا سمعوا خيراً ذُكرت به ** وإن ذُكرت بسوءٍ عندهم أذنوا


إن لكل مَلكٍ حاشية يقودها كالماشية

ولكل ثري خدم وحفنة من الحشم

ولكل رئيس مرافقون متزلفون منافقون

يخلطون الحابل بالنابل

ويعكسون الخير والشر

ويسري فيهم السم مجرى الدم !


بعضهم يذم الصالح ويُزين الطالح

فهو للرذيلة مدّاح وللفضيلة قدّاح !


تجده حول الولاة مع الردّاحين وبحمدهم من الصدّاحين

فقد اعتادوا المجاملة بالمعاملة

لهذا يعتبرون من ينصحْ (مؤزم) ينبحْ !

ويسمّون الصراحة مع الرئيس وقاحة !


قال الرسول الكريم عليه الصلاة والتسليم : {الدين النصيحة ، قلنا لمن ، قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم}


قلت : وما نشأتهم ؟

قال : فيما مضى ، كانوا بالسرادق يمتشقون البنادق

ثم صاروا للشيوخ مطاريش وللوزراء فراريش

اليوم هم من الأغنياء والأثرياء والوزراء والسفراء بل حتى النساء انضوين تحت اللواء !


قلت : من أي قومٍ هم ؟

قال : بعضهم كُتل وآخرون مِلل

فمُشِرّعهم تاجرٌ من الشامية ومفتيهم من الجاميّة وصحيفتهم يملكها الحرامية !

يُساندهم فارسي من الزهراء وبدوي من الجهراء وليبراليٌ من الفيحاء !


قلت : وما يجنون ؟

قال : للغرفة مناصب وللطائفة مكاسب

للتاجر مناقصة ولليبرالي حفلة راقصة

هَمُّهم الكراسي وللشعب المآسي !

وتمتد المنفعة للأصدقاء والأهل والأشقاء

فأحدهم للمعاقين مسؤول والآخر عضوٌ في البترول

والثالث بالسرّة مختار ولإحداهن أكبر دار !


فقلت : والله ما أظنّها فرقة ناجية ولا لريح الجنة راجية !

لكن رحمة ربكَ شاسعة وأبواب التوبة واسعة .


فقرأ الشيخ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : {ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا له بطانتان ، بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه ، فالمعصوم من عصم الله تعالى} .



عبدالله الأعمش


الأحد، 17 يوليو 2011

الرئيس وميناء مبارك





منذ عقود وجار السوء الشمالي يثير القلاقل ويشعل البلابل بين الحين والآخر مؤكداً أن الأطماع مترسخة في نفوس القيادات هناك مهما تبدلت أثوابها البعثية والشيعية وغيرها !

ومنذ تلك الفترة والكويت تحاول تأكيد سيادتها على تلك الحدود الشمالية الجرداء من خلال عدة مشاريع مقترحة لم تُنفذ لأسباب متعددة أبرزها سياسية ، فقد طُرح من قبل موضوع بناء مناطق سكنية ولو كانت للوافدين ثم اقترح الأمريكان (قبل الغزو) تأجير جزء من جزيرة بوبيان مقابل قاعدة عسكرية لهم فتلكأنا حتى انعكست الصورة وصرنا ندفع لهم مقابل المرابطة في بعض مناطقنا الشمالية !

اليوم وبعد أن تم انجاز قرابة 14% من ميناء مبارك ارتفع نعيق بعض المسؤولين العراقيين احتجاجاً على مشروع كويتي في أرض كويتية بحجج واهية لا تأخذ بها أي قوانين دولية أو حقوق جوار .

في رأيي أن الحوار مع هؤلاء غير مجدي ، فقد عقدت حكومتنا ممثلة بوزارة الخارجية عدة اجتماعات سياسية وفنية معهم بشأن مجموعة من القضايا محل الخلاف بين البلدين ولكن نتيجتها كانت إعلان المالكي البراءة منها ومن وزرائه ومستشاريه الذين شاركوا بها !

لكن المواجهة في وجهة نظري تتحقق من خلال جبهتين داخلية وخارجية ، فداخلياً يجب عدم تعطيل المشروع مع الاستمرار بعمليات إنشائه بل ومضاعفة الجهد وتسريع العمل به، إضافة لذلك يتوجب علينا خلق جبهة شعبية يقودها أعضاء مجلس الأمة وبعض المؤسسات والاتحادات من أجل مساندة هذا المشروع الوطني وغيره من المشاريع المستقبلية التي قد تُواجه إشكالاً من النوع الذي يواجهه مشروع ميناء مبارك .

أما خارجياً فلابد أن يحشد دبلوماسيو الكويت وعلى رأسهم وزير الخارجية الدعم لهذا المشروع من باب أن المسألة لا يجب أصلاً أن تُطرح على أي طاولة نقاش كونها سيادية بحتة وليس من حق العراقيين معارضتها أو حتى التعليق عليها ، فالتعريف بالفكرة العملاقة في كافة أرجاء العالم يعطيها شرعية أكثر ويجعلها مفروضة على أرض الواقع أمام أعين المسؤولين العراقيين .

إنما السؤال المهم هو من أعطى الحكومة العراقية ونوابها الحق في التدخل بشؤوننا الداخلية ؟ أو بالأصح ما الذي شجعهم على تجاوز الخطوط الحمراء لأكثر من مرة ؟ كموقفهم من الفكرة (النووية) ورد فعلهم الحالي تجاه ميناء مبارك .

في رأيي أن المالكي لم يتجرأ بإبداء وجهة نظره بهذه الصراحة إلا عندما توقع أن نظيره الكويتي لن تكون له كلمة في الموضوع ، فرغم أن الشأن كويتي قبل أن يكون عراقي وأن الذي علق عليه وزير خارجيتنا وليس رئيس حكومتنا إلا أن الرد أتى من سلطة عراقية أعلى ممثلة برئيس مجلس الوزراء المسنود من إيران !

نثق بإخلاص الشيخ محمد الصباح في عمله لكنه لن يستطيع وحده مواجهة الغوغائيين في العراق ، فكما رد الأعضاء -الأحرار- في البرلمان الكويتي على هرطقات نظرائهم العراقيين يجب أن يكون هناك رد (ولو غير مباشر) من قبل رئيس الوزراء الكويتي دعماً لمشروع ميناء مبارك ، وأقترح أن نجنب الرئيس إحراج إلقاء تصريح بهذا الشأن رغم إتقانه للفارسية التي يتقنها المالكي وأن يكتفي سموه بزيارة المشروع مع جيشه الإعلامي العرمرم ، وأن يصافح بعض المهندسين هناك .. معتمراً خوذة أحدهم .



عبدالله الأعمش

الخميس، 7 يوليو 2011

المقامة البنغالية : الشيخة البنغالية






للإستماع لمقال :
http://www.4shared.com/audio/hvpC3sKJ/__online.html




حدَّثَنا عدنان ابن أُثيلة قال : ذات عامٍ أصاب البلاد والعباد قحطٌ اضطرنا للترحالْ ، فركب بعضنا الأباعِر والجمالْ ، وآخرون على الخيول والبغالْ ، حتى وصلنا لبلادٍ يقال لها البنغالْ ، فوجدناها مَكْسوّةً بالأدغالْ مُخضَرَّةَ التِلالْ لا يَحكمها جنس الرجالْ ، فمرةً تكون الشيخةُ حسينة قائدة ، ومرة أخرى تحكمهم خالِدَة ، فلا تحتكرها منهنّ واحدة فتكونَ لتداول السلطة وائِدة ، فيا ليت قومي يفقهون الفائدة !

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : مالي تذكرت العجاف السبع ؟ اللاتي جف فيهن النبع ، وجاع فيهن السبع ، وشبع فيهن الضبع !

تموت الأُسْدُ في الغابات جوعاً ** ولحم الضأن تأكلهُ الكِلابُ

وذو جهل قد ينام على حريرٍ ** و ذو علمٍ مفارشه الترابُ

ويوم وَلَجنا عاصمتهم دَكّا ، علمنا أن الشيخةَ أصدرَت صَكّا ، كي تقطع باليقين الشَكَّ ، فألزمت النوّاب والوزراءْ ، والمسؤولين والسفراءْ ، وأهليهم والأقرباءْ ، بكشف مايملكون من أموالٍ وثروات ، وذهبٍ ومجوهرات ، وأرصدةٍ وحسابات ، وقصورٍ وعقارات ، حتى يتبين الأمين من السارق ، ويتضح المخلص من المارق ، ويتكشّف الحد الفارق بين من هو بالفساد غارق ومن هو في سماء الخير طارق .

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : رغم أن ولاية الشيخة حرام ، وفي توليها الحُكم كلام ، إلا أن خطوتها هذه صائبة ، ولا تشوبها شائبة ، وعساها أن تمنع الوزير والنائبة ، من سلب الأموال السائبة ، في ظل القوانين الذائبة ، والسلطة الغائبة !

وبعد صيفٍ طويل وحين شرعنا بالرحيل ، تقدم لنا رجلٌ رث الثياب نحيل ، ذو لحية مع الرياح تميل ، فسَلَّم علينا وقرأ بصوت جميل حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والتسليم: {إنما أهلك الذين قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد} فنحن بنو البنغال رغم ضنك الحال وشُح المال سبقناكم في هذا المجال ، فبدأنا بالأغنياء قبل الفقراء ، والأثرياء قبل الضعفاء ، فيما لا يُغدِق واليكم على الناس البركات ، لكنه يدفع للحاشية والمتزلِّفين .. بالشيكات !


عبدالله الأعمش

الأحد، 3 يوليو 2011

المَقامَةُ المَدْرَسِيَّة




للإستماع للمقال



http://www.2shared.com/audio/xwJuSiXk/__online.html




حَدّثَنا عَدنانُ بن أُثَيْلَة قال : كنت أتجول ذات يومٍ مع شيخنا الأزرق بن كُليب في إحدى نواحي الدَّسْمَة فرأينا عندها قوماً قد فارقتهم البَسْمَة ، ولبست وُجوههم أثواب الهَم واغرورقت أعينهم بماء الغم!

وليس الذي يجري من العَينِ ماؤها ** ولكنّها روحٌ تسيلُ فتقطرُ

كان هؤلاء المحزونون عدة آلافٍ بل يزيدون ، فقال لهم الأزرق : ما بالكم تبكون ؟ فَطَفِقَ القومُ يشكون ، فتحدث منهم ابن عُتبَة وكان أرفعهم رتبَة : إنما هذا البُكاء لما حَلَّ بنا من بلاء ، فنحن من نُدَرِّس الأجيال ونُعلِّم العِيال ، ونُحفِّظهم الكتاب ونَشرح لهم الحساب ، ونُفهمُهم عدة أشياء مثل الأحياء وعلم الكيمياء وكذلك الفيزياء ، نَبْدأُ صُبحنا بالطوابيرِ واقفين وبتحية العَلَم هاتفين ثم في الفصولِ مع التلاميذ عاكفين ولكل مَسألةٍ عارفين فنرجِعُ لأهلينا ظُهراً على الموتِ مُشارفين ! ثم لِساعةٍ نَقيل حيثُ أن الشياطينَ لا تقيل ، وبعدها نَبدأُ بالتحضير والإعداد ببالغِ همّةٍ واجتهاد فغداً يُقبِلُ يومٌ جديد من أيام العام المديد ، وهكذا تَمضي الأَيام والليال بهذه الطريقَة والمنوال ! فقال شيخنا الأَزرَق بن كُليب : وهل تُعطَوْنَ بِقدرِ ما تَعطون ؟ ويُحْسَن إليكم كما تُحسنون ؟ فصاح ابن عتبة : يعطون قومي بالمئات وهي في بلد الثروات مُجرّد فتات ، فوالينا يشتري الحلوى بالألوف ليلتهمها مع الحاشية والضيوف ، فهي تأتيه من بلاد جُنيف التي بنى بها قصره المُنيف على تلال الريف !

فتقدّمَت عجوزٌ من مَيْمَنة الحشد وقالت : أترغب بالمزيد ؟ قلت : وهل من جديد ؟ قالت : في جعبتي العديد ! قلت : بكل سُرور ، قالت : بالملايينِ يَشْتَرونَ البَخور كَيْ يَطردوا بِهِ الشُرور فَتَنْصَلِح الأُمور ويَتَيَسَّر لِلوالي العُبور في امتحانِ الإِسْتِجْواب الذي قَدَّمَه كَوْكَبةٌ من النواب إيماناً منهم بمبدأ الثواب والعقاب ! فقُلت للعجوز : والله إني لأُوَقّرُ مقامَك وأُقدّر كلامك فهل نساؤكن كلهن كذلك ؟ قالت : يا بُنَي لولا أربع لأفْلَحنا ! فَحَسِبْتُ العجوز ستنشد :

إني ابتليتُ بأربعٍ ما سُلِّطوا ** إلا لشدة شقوتي وعنائي

إبليس والدُنيا ونَفسي والهَوى ** كيفَ الخلاص وكلّهم أعدائي ؟

لكنها قالت : ما مَنَعَ الخَيرَ عَنّا وسَلَبَ الرِزْقَ مِنّا إلا أَربع نسْوَة اتّصَفْنَ بالقَسْوَة ، فما رَأَفَت ثلاث منهن بأهل التدْريس ونَكَّسْنَ رؤوسَهُن شَر تَنْكيس ، أما رابعتهن فكانت لمكافأة الطلاب قامعة ولمطالبهم غير سامعة فأكدت أن جماعتها للوالي خانعة ولصفقاته خاضعة ! ما بالُهُنَّ كَأَنَّهُنَّ لم يَكُنّ مُعَلِّمات فيما مَضى وأن ما فاتَ قد انقَضى ! فاليوم أصْبَحْن نائبات (على) الأمة ولَسْنَ عنها ، فأولاهُن زَعمت أنها في قرارها (مُصيبَة) لكننا نرى مواقفها غَريبة ومآربها مُريبة فكانت أم (المصائب) ، أما الثانية فنَصبَت نفسها (قاضِيَة) وهي عن القِسط ماضية وبالظلم راضية (فقَضَت) على آمالنا ، ثالثة الأثافي تدّعي أنها (هاوِيَة) تهوى الناس لكنها (هَوَت) بهم في الدرك الأسفل والموضع الأرذل ، أُخراهُن والله أعلم (حيَّة) سيئة النيَّة صدق فيها والأخريات قول خير البريَّة وسيد البشريَّة عليه أفضَل الصَلاة والسَلام والتَحِيَّة : {لَنْ يُفلحَ قَوْمٌ وَلّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَة } .

حينها التَفَتَ عَليَّ الشيخُ الأزرقُ بن كُلَيْبٍ وقال : هَلُمَّ بنا يا ابن أُثَيْلَة نَنطَلِق وقبل عَسْعَسَةِ اللَيلِ نَسْتَبِق فإن آذان جواسيس الوالي تَسْتَرِق وأظن خِيامَ هؤلاء القَوْمِ .. سَتَحْتَرِق !

عبدالله الأعمش

السبت، 9 أبريل 2011

أتعبتهم يا بوصلاح


يقال أن (التعب) نوعان ، أما أولهما فهو أن يُتعب الإنسان من يأتي بعده بأعماله الجليلة وبصماته الطيبة التي إن سعى الآخرون جاهدين من أجل تقليدها والإقتداء بفاعلها فهم غالباً ما يعجزون وتبوء محاولاتهم بالفشل .


أما التعب المنبوذ فهو أن يُتعب الإنسان من حوله بسبب تكاثر مشاكله التي يحاولون حلها وتراكم مصائبه التي يُصلَوْن بنارها وتضخم أزماته التي لا يستطيعون الخروج منها !


أما (أبو صلاح) فهو لقب كغيره من الألقاب التي يحملها الكثير من الرجال في قريتنا ، و لكل (بوصلاح) منهم شخصيته التي يتميز بها وطبائعه التي يتصف بها وخصاله التي يحملها فالناس أجناس وليسوا سواء ، فبنو آدم كالطيور ، بعضها صقور وشواهين شامخة والأخرى دجاجٌ و نعام (وقيل نعائم) و ربما أنعام .. بل هم أضل سبيلا !


لي جارٌ في قريتنا يُكنّى بأبي صلاح ، وله ابن عمٍ يحمل نفس اللقب لكن الله سبحانه وتعالى (خلق وفرق) ولم يجعل الرجلين إلا كالثرى والثريّا ، ورغم أن كليهما من نفس العائلة الكريمة إلا أن شمائل صديقي حميدة وسيرته محمودة فيما يبغض الناس في القرية ابن عمه ويذمونه ! فالثاني استغلَّ طيب قلوبهم في إكرام الضيف وإيواء الغريب وإطعام عابر السبيل فجلب لواحتنا الآمنة قوم سوء غرباء في عاداتهم دخلاء في تقاليدهم ، فيهم المنافق الذي يبطن الشر والفاسد الذي يضمر الفسق والتاجر المرابي الذي يأكل السحت .. فيما يحمل رايتهم علجٌ فارسي ليس كسلمان رضي الله عنه !


في ليلة من الليالي بلغ السيل الزبى وفاض الكيل حين تمادت الزمرة الفاسدة في غيّها وتجاوزت الفرقة الهالكة حدّها فهب صديقي لإنكار ذلك المنكر صادحاً بكلمة حقٍ في وجه بطانة ابن عمه وأنكر عليهم أفعالهم المذمومة وصفاتهم المسمومة ونفى لبلاد الفرس ثلاثة نفرٍ تورطوا بتهديد أمن واستقرار هذه الأرض الطيبة .


صديقي أبو صلاح يتعرض منذ تلك الليلة إلى تهديدات رفاق ابن عمّه الذي هو أيضاً أظهر ضيقه من شجاعة صديقي معتبراً إياها جرأة مرفوضة و تجاوزاً غير مقبول لأعرافٍ فرضها على من حوله ، وقد تبدي لنا الأيام ما كناَ نجهلُ حين يأتي الوقت الذي يجتمع فيه الوزراء وكبيرهم الذي علّمهم .. اللغات الأربع !


يقال والعهدة على الراوي أن ابن عم صديقي أرسل أحد وزرائه للإعتذار من الفرس عمّا بدر من ابن عمّه معاهداً إياهم على إعادة سفيره لبلادهم وتأديب من تطاول عليهم ! لكنني لم أصدق هذه الرواية كون ابن عم صديقي ليس بحاجة لوزير كي يعتذر نيابة عنه فهو من اعتذر لهم .. وبالفارسية !


حتى تلك اللحظة ، نسأل الله أن يذل تلك الفرقة التي تنوي الشر وتخطط للإنتقام بعد أن هُدِم (السور) الذي بناه (جاهل) رويبضة يقبع مع أمثاله من المجرمين في سجنٍ قذفته به عدالة القضاء لا (العدالة) المشبوهة التي تريك العجب في شهر (رجب) !


عبدالله الأعمش

الخميس، 31 مارس 2011

جَلد النّحور في استجواب عاشور

عندما قرأت صحيفة استجواب النائب صالح عاشور لوزير الخارجية الشيخ محمد الصباح تبادر إلى ذهني استجواب النائب السابق عباس الخضاري للوزير أحمد الكليب و كيف لبس عباس حينها ثوباً لا يليق به فلم يفلح في مسعاه !

وما أشبه الليلة بالبارحة ، فالنائب الحكومي عاشور أصبح بقدرة قادر معارضاً للحكومة التي فرشت له و لجماعته على مدى سنوات سجادة حمراء من الحرير .. الفارسي ! ولأن القوم في إيران لا يفقهون إلا لغتهم فإنني سأتكلم بقاعدة جلد النحور والتي يتخصص بها تلاميذ الحوزات وأتباع الملالي ، إنما بلا سياطٍ و دون دماء بل بأقلامٍ تنزف مداداً و تسيل حبرا .

الجَلدة الأولى : الاستجواب طائفي حتى النخاع .. الشوكي ! فالنائب عاشور قاد حملة شق المجتمع الكويتي و التطاول على أهل البادية وتخوين الجماعات الإسلامية السنية من خلال صحيفته التي يشاركه في تمويلها (مذموم) السيرة إيراني الهوى الذي أدبه البحرينيون بمنعهم إياه من دخول مملكتهم فطلب توسط وزير الخارجية الذي أبى أن يكون وسيط سوء لذلك الدهداري .

الجَلدة الثانية : الاستجواب إنتخابي ، فهؤلاء أحسوا بقرب سقوط الحكومة التي أرضعتهم من صدرها حتى خارت قوى الوطن ونفذ الحليب ! لهذا قرروا أن يقتنصوا موقفاً يبعد عنهم ألقاب (البصامة) و (الفداوية) فقدم أحدهم استجواباً ثانياً (يزلزل) وزير الصحة وأعلن ثالثهم عن استجواب (يدوس) فيه فساد وزارة الإعلام !

الجَلدة الثالثة : الاستجواب شخصي ، لأن ثورة النائب عاشور سببها تطرق الإعلام البحريني لأحداث طرده من الجيش الكويتي واتصالاته المشبوهة بإيران ، لهذا حاول دون نتيجة أن يجند وزير الخارجية كمحامي له في وجه الإتهامات البحرينية و التي لم تأتي من فراغ .

الجَلدة الرابعة : الاستجواب غير دستوري ، وهذا هو الوصف المعتاد الذي يطلقه النائب عاشور وجماعته على كل استجواب تقدمه المعارضة ، لكن إنعدام الدستورية هذه المرة متحقق لعدم إختصاص الوزير بمحوري الاستجواب حيث أنهما يشملان عدة مهام لا يقوم بها وزير الخارجية وحده بل يتكفل بها عدد من الوزراء أو رئيسهم ، فوسائل الإعلام وتوحيد أطياف المجتمع من مهام وزير الإعلام ، أما منع دخول القافلة الطبية إلى البحرين لأسباب أمنية فهو من مسؤوليات وزراء الصحة والداخلية والدفاع ، ثم أين (التدرج) في الإصلاح وعدم الإقدام على الاستجواب مباشرةً والذي كان شعار النائب عاشور طوال السنوات الماضية ؟

الجَلدة الخامسة : الاستجواب ولاؤه خارجي ، فهذا النائب ومن خلال استجوابه يوجه رسالة إحتجاج على قرار سحب السفير الكويتي من طهران ، فقد وصلت للنائب عاشور من مصادره في وزارة الخارجية نيتها لإستدعاء السفير بعد ثبوت تورط إيران بشبكة التجسس وقبل صدور الأحكام القضائية فسعى لإرهاب الوزير .. دون جدوى .

الجَلدة السادسة : استجواب متناقض يزعم مقدمه أن الإعلام البحريني تدخل في شؤون الكويت فيما نسي عاشور ظهوره في العديد من الفضائيات كمساند للغوغائيين في البحرين وتناسى أنه أقحم نفسه في شؤون تلك المملكة يوم تربع في دوار اللؤلؤة في تدخل سافر بشؤون دولة شقيقة !

لسنا من المتعصبين ضد الطائفة الشيعية ، لكن ماتقوم به قياداتهم من دعم للقوى الفارسية الخفية في الخليج العربي أمرُ لا يمكن السكوت عليه ، و لن ننسى هنا قول الله تبارك وتعالى : {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} .

عبدالله الأعمش

الاثنين، 21 مارس 2011

صحوة الدبلوماسية الكويتية



سبق أن كتبنا منتقدين للتخاذل الخليجي تجاه الثورة المصرية وكيف تراجع الدور السعودي لصالح الإيرانيين والقطريين ، وحتى نكون منصفين محايدين يجب أن نعلن تأييدنا للخطوات الشجاعة التي شاركت بصنعها الدبلوماسية الكويتية مؤخراً على المستوى العربي عموماً و الخليجي بشكل خاص .
فإصلاح سمو أمير دولة الكويت جزاه الله خيراً بين الأشقاء العمانيين والإماراتيين يذكرنا بالدبلوماسية الكويتية في العقود الأخيرة من القرن الماضي حين كانت الكويت شعلة الدبلوماسية العربية فوحّدت اليمنين الشمالي والجنوبي وجمعت الإمارات السبع بعد أن كانت متفرقة وساهمت في إطفاء الفتنة الأردنية الفلسطينية وغيرها من إنجازات ذلك العصر الماسي الذي خبا بريقه منذ الغزو البعثي للكويت .
الموقف الثاني الذي لابد من الإشادة به يتجلى في تصريح وزير الخارجية الكويتي حول جرائم العقيد المعقد القذافي في حق الشعب الليبي ، فكانت كلمات الوزير صريحة لا مجاملة فيها تبعتها وقفة عربية قوية قل ما تقوم بها الجامعة العربية تفاعل معها مجلس الأمن فوافق على فرض حظر جوي فوق ليبيا أدّى بحول الله لشل اليد اليمنى للقذافي المتمثلة في سلاح الجو .
أما ثالث مظاهر صحوة الدبلوماسية في الكويت والخليج عموماً فهو إتخاذ قرار إرسال قوات درع الجزيرة لحماية المواقع الحساسة ومؤسسات الدولة في تلك الجزيرة الصغيرة ، أضف على ذلك الموقف زيارة وزير الخارجية الكويتي للبحرين والرد القوي لنظيره السعودي على التدخل الفارسي في الشأن البحريني .. العربي .

و إن كان لنا عَتَبان ، فسنوجه أولهما لحكومتنا التي أرسلت قوات درع الجزيرة للبحرين على إستحياء ! معلنةً عدم إرسالها إرضاءً لوجوه التسعة الموالين لرئيس الحكومة ، فخسرت حكومتنا السنة بترددها ونفيها كما خسرت الشيعة كونها أرسلت القوات .. فعلياً !
أما عتبنا الثاني فنوجهه لرئيس مجلس الأمة الكويتي الذي لم يعبر عن نبض الشعب الداعم لأسرة الحكم في البحرين والمنتفض في وجه الغوغائيين ، هذا الرئيس زعم أنه (لم يسمع) و (لم يرى) التصريحات الإيرانية ضد البحرين ولهذا (لم يتكلم) شاجباً إياها !


عبدالله الأعمش

الأحد، 13 مارس 2011

شيعية و ليست شعبية


في مقالاتنا السابقة أيدنا انتفاضة المصريين و آزرنا ثورة الشعب في تونس ومازلنا ندعو الله أن ينصر الليبيين على الطاغية القذافي ، لكننا ودون تردد نعلن وقوفنا ضد المظاهرات في البحرين لأن ما يحدث هناك يختلف تماماً عن الأحداث في أرض الكنانة وتونس الخضراء ووطن عمر المختار ، ولقد بنينا هذا الرأي على أسباب عديدة وشواهد كثيرة نذكر أبرزها :


1- لقد شاركت بالثورات الشعبية في شمال أفريقيا مختلف أطياف المجتمع من أحزاب ومذاهب وقبائل ، فيما يقوم بإشعال المظاهرات في البحرين جزء من أبناء الطائفة الشيعية البحرينية يندس بينهم أجانب من إيران و السعودية و الكويت ، في حين اجتمع السنة و غير المسلمين و بعض الشيعة تحت راية الملك .
2- إن الغالبية في تونس و مصر و ليبيا هي التي انتفضت ضد الطغاة وأنظمتهم ، لكن العكس هو ما حصل في البحرين حين نزلت للشوارع غالبية الجماهير البحرينية معلنة الولاء للملك و أسرة الحكم في مشهد يثبت أن المتظاهرين ضد الحكومة لا يمكن أن يمثلوا الشعب البحريني بل هم أقلية منظمة .
3- لا خلاف على أن الثورات الشعبية الشمال أفريقية واجهت أنظمة استبدادية تربع فيها الفرد على العرش لعقود ، أما في البحرين فقد حكمت أسرة آل خليفة بمبايعة الشعب ثم بالدستور و في إطار القانون دون اغتصابٍ للسلطة واختطافٍ لمقاليد الحكم .
4- معلوم أن الإنتخابات حُرِّمَت على الشعوب الثائرة في شمال أفريقيا أو أنها زُوِّرَت في أحسن الأحوال في أجواء قمعية لا تعترف بمواثيق حقوق الإنسان ، لكن الواقع في البحرين يختلف تماماً حيث يخوض البحرينيون إنتخابات نزيهة تفوز فيها المعارضة التي تمارس عملها الحزبي بشكل حر بعيد عن معتقلات سرية و سجون تحت الأرض وهذا هو السبب الأول لرفض كثير من أحزاب المعارضة المشاركة في تلك الإحتجاجات .
5- لقد تعاطفت شعوب العالم العربي مع الثورات في تونس ومصر وليبيا فيما لم تبدي تفاعلاً يُذكر مع الأحداث في البحرين لسببين أولهما وضوح البصمة الإيرانية في تأليب شيعة البحرين على أسرة الحكم السنية ، أما السبب الثاني فهو تمتع النظام البحريني بسمعة طيبة لا تقارن بالتاريخ الدموي للأنظمة الساقطة في تونس ومصر وليبيا .
6- شاهد العالم كيف تعرضت الثورات الشعبية التي آزرناها للعنف والبلطجة وأبشع أنواع القمع ودون أدنى إحترام لحرية التعبير ، لكن التظاهرات في البحرين هي التي تحرق سيارات الشرطة ! وعناصرها هي التي تهاجم الأحياء السنية ! فيما يتسلح أفرادها بالسيوف و السلاسل صائحين : سلمية سلمية !
7- إن مطالب الثورات التونسية المصرية الليبية واضحة وطموحاتها جليّة ، فيما لم يتفق محتجو البحرين حتى الآن على غاياتهم من التظاهرات حيث اكتفى بعضهم بالمطالبة بإسقاط رئيس الحكومة فيما تمادى آخرون داعين لإسقاط الملكية !

كلمتان أخيرتان .. الأولى : قد تكون بعض مطالب المتظاهرين في البحرين مشروعة لكن تبنيهم لشعارات طائفية تمس الغالبية الموالية للملك وغوغائيتهم في التعبير عن آرائهم تسببت في طمس تلك المطالب التي يحلم بها رجل الشارع العادي وحوّلتها إلى شيعية بعد أن كانت شعبية !
الثانية : أثبتت الجماعات الإسلامية السنية في البحرين كالإخوان المسلمين والسلفية أنها سبب رئيسي في إستقرار حكم آل خليفة وأنها تمتلك التأثير في الميزان السياسي البحريني و لا يمكن التشكيك في وطنيتها بتاتاً .. فهل يستوعب جيران البحرين هذا الدرس ؟!

عبدالله الأعمش

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

السعودية و المذبحة الليبية



لا يختلف اثنان على المكانة الرفيعة التي تتبوؤها المملكة العربية السعودية بين دول العالم ، ولا يقدر أحد على التشكيك في الثقل الذي تمثله السعودية بين الدول الإسلامية والعربية خصوصاً ، إنما يبرز الخلاف حول مسألة تضاؤل هذا الدور الهام منذ بداية الألفية .
و للفريق المؤيد لنظرية تراجع التأثير السعودي في الوضع السياسي بالوطن العربي استدلالات وشواهد عديدة يأتي في مقدمتها قضية غزة و التي اضطر أهلها المضطهدون لقبول دعم الفرس والأتراك وحزب البعث السوري في ظل انحياز سعودي لمنظمة التحرير الساقطة فلسطينياً و في مقياس الشعوب العربية .
المثال الثاني و الأحدث للتراجع الدبلوماسي السعودي هو ما تناولناه في مقالنا (إخفاق ساسة الخليج في مصر) حين جنّدت المملكة و للأسف ساستها وقناتها العربية ومفتيها لنصرة الطاغية ، فسقط الدكتاتور وبقي الموقف السعودي الخاطيء في ذهن الشعب المصري !
اليوم لابد أن يتوقف الإخوة في المملكة عن تقاعسهم في ممارسة الدور الذي ترجوهم الشعوب العربية أن يمارسوه ، فالمبالغة في انتهاج الحياد يعد سلبية ، والتطرف في إتباع قاعدة (عدم التدخل في شؤون الغير) يعتبر تخاذلاً عن دور قيادي إسلامي عربي قد لا تستطيع أن تمارسه غيرها من الدول .
لا نطلب من المملكة أن تتحرك لأنها هوجِمت من العقيد القذافي الذي خطط لإغتيال الملك عبدالله قبل سنوات لكننا ندعوها لنصرة الشعب الليبي للأسباب التالية :

1- إن ما يحدث في ليبيا مخالف لشرع الله تبارك وتعالى ، وقد قال خير الخلق صلى الله عليه و سلم و هو ينظر للكعبة المشرفة : (والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك) .
2- إن تلك المذابح القذافية منافية لمباديء الإنسانية و مخالفة للفطرة البشرية السويّة و التي لاشك في أن المجرم الليبي يفتقدها .
3- إن جرائم النظام الليبي منتهكة للقانون الدولي انتهاكاً صارخاً و مصنفة كجرائم حرب و لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال .

إن لدى المملكة العربية السعودية وسائل شتى للتدخل من أجل وقف المجزرة ، فالدعوة لإجتماع عربي طاريء وإصدار بيان ملكي يشجب الجرائم و الضغط على الأصدقاء الغربيين للتدخل العاجل ليست أموراً عسيرة على الساسة السعوديين ، فهل نراها عاجلاً أم ننتظر إبادة أحفاد عمر المختار رحمه الله الذي قال ولسان حال أحفاده يردد مقولته : (نحن لن نستسلم ، ننتصر أو نموت) ؟!

ختاماً ، سمعنا الشيخ القرضاوي حفظه الله و هو يصدح بكلمة الحق في وجه سلطان جائر فأفتى بجواز قتل هذا السفاح الذي أحرق البلاد و قتل العباد حفاظاً على كرسيه الآيل للسقوط ، فهل نسمع شيئاً من شيوخٍ اعتادوا الحث على الصبر في وجه ولي الأمر الظالم و أتحفونا ليل نهار بفتاواهم المحذرة من التظاهر و الإعتراض على الحاكم المستبد ؟!
قال الله تبارك و تعالى في سورة البقرة : {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الأنثى بالأنثى} .


عبدالله الأعمش

الجمعة، 18 فبراير 2011

خطبة على أطلال الطاغية

دخل فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي مصر بعد أعوام من حرب شنّها عليه نظام الدكتاتور الطاغية المخلوع حسني مبارك ، فأصبح هذا الدخول تاريخياً لن ينساه المصريون كافة بل ستظل البشرية تتذكر مشهده طويلا ، فالعلامة القرضاوي وقف شامخاً على منبر الثورة يخطب في حشود أهل الكنانة فيما يحزم الرئيس الذي نبذه شعبه و جيشه حقائبه باحثاً عن مأوى له و للمليارات المنهوبة من أرض مصر .
سبحان الذي يمهل ولا يهمل ، فقد أعطى الله عز و جل لحسني مهلة ثلاثين عاماً كي يتعظ لكنه طغى و استكبر ، و سبحان الذي إذا أراد أمراً قال له كن فيكون ، فكان أمره أن يدخل البلاد معززاً مكرماً منتصراً من غادرها فاراً بدينه فيما يهرب منها ذليلاً مبغوضاً مهزوماً من تربع على عرشها لعقود طويلة !
خطب الشيخ القرضاوي في تلك الملايين فأثنى على تلاحم المسلمين و أهل الكتاب ، و شكر الجيش الذي لم ينصر الفرعون الأخير ، و أمَّ الجموع المهيبة في مشهد لا يراه الناس إلا بالحج فرفعوا أيديهم بالدعاء و أدوا فرضهم ثم صلوا صلاة الغائب على شهداء الثورة و من سبقهم من الشهداء الذي ذُبحوا في سجون النظام البائد خلال الثلاثين عاماً المنصرمة و هؤلاء نحسبهم مع حمزة رضي الله عنه و رجل قام إلى إمام جائرٍ فأمره و نهاه فقتله .
لقد فسّر الإمام الجصّاص قوله تبارك و تعالى في سورة البقرة {لا ينال عهدي الظالمين} قائلاً : (ثبت بدلالة هذه الآية بطلان إمامة الفاسق و أنه لا يكون خليفة و أن من نصب نفسه في هذا المنصب و هو فاسق لم يلزم الناس اتباعه و طاعته) فكان رحمه الله و من تبعه من علماء الأمة كالشيخ يوسف القرضاوي يقودون المسلمين للإسلام الحقيقي الكاسر لقيد العبودية و الهادم لقصور الطواغيت و الداعي لترسيخ العدالة و تثبيت المساواة بين الناس و هذا هدي خير الخلق عليه الصلاة و السلام الذي حرفه و للأسف بعض علماء السلاطين و قلة من المبجلين لولاة الأمر فصاروا أبعد عن لُب الإسلام و أقرب لقساوسة القرون المظلمة الذين ساندوا طواغيت أوروبا ضد شعوبهم المقهورة فكره الناس دينهم حين لم تتفق تعاليمه مع الفطرة الإنسانية الطامحة لحياة يملؤها العدل و الحرية و يكون الناس فيها كأسنان المشط ، قال عبدالله بن المبارك رحمه الله : (و هل أفسد الدين إلا الملوك و أحبار سوء و رهبانها) !
إن ما قام به العلامة القرضاوي لابد أن يحتذي به كل شيوخ الدين و يتحتم أن يقتدي به العلماء و أهل الشريعة ، فمكان ورثة الأنبياء بين أبناء الأمة لا على موائد الملوك ، و إن من أهم واجباتهم رفع الظلم عن العباد و ليس التبرير لحكام البلاد و التغاضي عما اقترفوه من فساد .
قيل للأعمش : يا أبا محمد قد أحييت العلم بكثرة من يأخذه عنك ، فقال : لا تعجبوا فإن ثلثاً منهم يموتون قبل أن يدركوا ، و ثلثاً يلزمون السلطان فهم شر من الموتى ، و من الثلث الثالث قليل من يفلح .

عبدالله الأعمش

الأحد، 13 فبراير 2011

إخفاق ساسة الخليج في مصر

خلال شهرٍ مضى أثبت الساسة الخليجيون أنهم يبعدون عن السياسة تحليلاً و قراءة بُعد المشرق عن المغرب ، فلُدِغوا من نفس الجحر مرتين وكرروا أخطاء الماضي التي سترديهم و تردينا معهم في محرقة التاريخ و هو ما تجلّى في موقفهم من ثورة الشعب المصري على الرئيس مبارك .

في المقابل أظهرت تلك الأحداث ما يتمتع به الأمريكان و الأوروبيون من إحتراف سياسي و خبرة عميقة في التعامل مع عظائم الأحداث ، فهم و إن ترددت مواقفهم في البداية إلا أنهم حسموا أمرهم في وقت مبكرٍ خلال الأيام الأولى من هذه الثورة الشعبية .


أما صانعو السياسة الخارجية في الخليج فقد أخفقوا في قراءة المشهد المصري و يا له من إخفاق إستمر حتى آخر أيام الطاغية رغم أن مسألة سقوطه المؤكد كانت مجرد مسألة وقت ، لكنهم أصروا على دعم بلطجيّته ضد شعبه إما لجهلٍ سياسي مدقع أو خضوعاً لمصالح شخصية مرتبطة ببقاء حسني مبارك !
إن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ ** و إن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ


إن جسامة و خطورة سوء تقدير الأوضاع في مصر و عدم تقييمها بشكل صائب و حكيم من قِبل ساسة دول مجلس التعاون الخليجي تتضح في نقطتين :


أولاً : إن هذا الإخفاق الخطير ليس الأول من نوعه حيث أنه يشكل حلقة في سلسلة الإخفاقات التي لم يتعلم الخليجيون منها أو يستفيدوا من تبعاتها رغم النتائج الوخيمة التي مازالت شعوب دول مجلس التعاون تعاني منها ، فكيف لم يتعلم السياسيون عندنا من درس غزة التي حاولوا بشكل غير مباشر خنقها فأنقذتها مظاهرات أوروبية و قوافل حرية تركية و منظمات دولية و قليل من الدعم الخليجي .. الشعبي ! و ماذا جنى صناع القرار السياسي في الخليج من مساندتهم لمحمود عباس و حسني مبارك ضد الغالبية الفلسطينية المنضوية تحت لواء حماس و الجبهة الشعبية و الجهاد الإسلامي ؟ لقد كان ذلك الموقف الخليجي الإمَّعة عبارة عن ضوءين أخضرين لإيران في دعمها لغزة و للصهاينة كي يحرقوها و يشددوا من حصارهم عليها .. لكن الصبر أعيى قبضة الجلاد .


ثانياً : إن الثمن التي سيدفعه الخليجيون يستحيل ترقيعه ولا يمكن أن يُصحَّح بعد أن سجله التاريخ في كُراسٍ مفتوحٍ ستقرأ صفحاته البشرية جيلاً بعد جيل ، فالمفكرون المثقفون في مصر و شبابها الواعي لن يغفروا للسياسيين (الرسميين) في دول الخليج العربي وقفتهم في صف الديكتاتور الذي سلب ثلاثين عاماً من حريتهم ، فيما سيظل المصريون يستذكرون وقفة الغرب الذي كفّر عن ذنوبه الماضية حين استبدل دعمه لحاكمهم الظالم بمطالبته له بالرحيل و إعطاء الحكم للشعب المنتفض عليه .. سلمياً .


إن لم يكن لدى ساستنا نظر ثاقب يستطيع قراءة الدروس الغربية فليستعينوا بقصر نظرهم في قراءة المكر الفارسي الذي ترجمه (مرشدهم) في خطابه الداعم للشعب المصري في وقتٍ دعم فيه (المفتي) .. دكتاتور مصر !

عبدالله الأعمش

الاثنين، 7 فبراير 2011

الشيخ الكوس و النهج المعكوس


في مقال له انتقد الأخ أحمد الكوس موقف العلامة يوسف القرضاوي الداعم للشعب المصري في احتجاجاته ضد حاكمه الظالم مستنداً على منهجٍ اشتهر بالتعسف في نهي الناس عن المنكر و المبالغة في مداهنة السلاطين .. فياله من تناقض !
و قد تطرق الأخ سامحه الله لمنكرات عديدة زعم أن المتظاهرين وقعوا بها متناسياً أن أول من اقترفها في أرض الكنانة هو الفرعون الأخير و حزبه الفاسد ، فأقول لفضيلته :
1- إن سفك الدماء و نهب الأموال و تدمير الممتلكات و سيطرة المخابرات الغربية التي شجبتها لهي مصائب يقاسيها الشعب المصري منذ عقودٍ خلت لم نرى خلالها هبتكم من أجلهم كما تهبون اليوم من أجل ولي أمرهم ؟ و إن زعمتم أن (ما فات قد مات) سألناكم عن حكم من يقتل المسالمين اليوم في ميدان التحرير فقط لأنهم قالوا كلمة حق في وجه سلطان جائر ؟
2- إن الفتنة التي حذّرتم من اشتعالها بين أبناء الشعب المصري و طوائفه كانت ناراً تستعر في حقبة الطاغية مبارك ، أما اليوم فإننا نرى المسلمين مع أهل الكتاب و الأغنياء مع الفقراء يجتمعون في ميدانٍ واحدٍ فيصلون و يأكلون و ينامون معاً في أبلغ صورة من صور سماحة الإسلام التي لم نكن نشهدها في ظل حكم الدكتاتور .
3- إن فرح دولة الفرس الطائفية بأحداث مصر لن ينسينا حزن دولة بني صهيون ، و كان الأولى أن تستبشروا بسقوط من ساند ما يسمى بدولة إسرائيل الغاصبة للمسجد الأقصى لا أن تخوفوا الناس بأطماعٍ إيرانية يعيها شعب مصر الذي يعتبر شيخه القرضاوي أول من طالب بوضع حد لعمليات التبشير الشيعي .
ثم هل كان فرح الروم بانتصارهم على الفرس مانعاً لفرح المسلمين به ؟
أقول للشيخ الكوس و من انتهج النهج المعكوس : لا ميلاد بدون مخاض و لا حرية بلا تضحيات و لا عدالة بغير ثمن و لا يُبلغ العز إلا بسلمٍ من الجماجم ، فالساذج من توقع سقوط نظام دكتاتوري عاتي كالنظام المصري بشكل مجاني و دون مقابل و بلا ثمن .
إن ثورة الشعب المصري على الفرعون الأخير حققت نتائج مبهرة في وقت قياسي لم يتوقعه أكثر المحللين السياسيين تفاؤلاً ، و هنا أرصد أبرز تلك المكاسب التي جناها المصريون خصوصاً و الأمة العربية بشكل عام :

1- سقوط بدعة التوريث الغير دستوري ، فبعد أن أعلنها المصري كررها اليمني و زد عليهما من كان ينويها في قرارة نفسه فعدل عن شهوته هذه .
2- هدم حاجز الخوف من قوات القمع و زوال خشية قول كلمة الحق بوجه الحكام .
3- تعيين الرئيس المصري لنائبٍ له بعد أن تذكر أنه ظلّ بلا نائب لسنوات طويلة !
4- إعلان الرئيس المصري عدم بقائه كرئيسٍ مدى الحياة و هي خطوة أخرى تبعه بها الرئيس اليمني .
5- سقوط الحكومة الأردنية بقرار ملكي جراء احتجاج الشعب الجائع عليها .
6- سماح الرئيس الجزائري بإقامة المظاهرات و تشكيل الأحزاب و إلغاء حالة الطواريء في بلاده .
7- ايصال رسالة قوية للنظام السوري البعثي الطائفي كي يقوم بإصلاحات في الدولة و تصحيح في النظام و هو ما اتضحت بوادره في تصريح الرئيس السوري في بعض وسائل الإعلام .
8- إعطاء درس لمن يأتي مستقبلاً لسدة الحكم في مصر و غير مصر ، فما حصل عبرة بالغة و موعظة عظمى .
9- توحد الشعب المصري بمختلف فئاته حيث وقف المسلم بجانب القبطي و الإخوان مع الناصريين و المتعلم بقرب الأمي .
10- تعليق جلسات مجلسي الشعب و الشورى المزورين و إعادة إنتخابات الدوائر المطعون بها .

ختاماً .. إن النهج المعكوس هو من أنكر على الشعب وقفته ضد الظالم ، و هذا النهج هو من هاجم الثورة التي أعادت الحجاب لرؤوس المسلمات و ملأت المساجد في تونس .
قال أشرف الخلق عليه الصلاة و السلام : {أفضل الشهداء حمزة ، و رجل قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره و نهاه فقتله} .

عبدالله الأعمش



الأربعاء، 2 فبراير 2011

سقوط الفرعون الأخير

في عهد موسى عليه السلام أغرقت فرعون أمواج البحر ، لكن أمواج المتظاهرين المصريين هي من أغرقت فرعون هذا القرن الذي نسي أن شعبه حليمٌ لكنّ غضبته لابد أن تُتَقى ، فاجتمع لإسقاطه الإسلاميون و الشيوعيون و الرجال و النساء و الكبار و الصغار و بدو سيناء و الأقباط و حتى (الصعايدة وصلوا) ! حينها (فهم) و لكن فهمَه أتى بعد فوات الأوان كحال نظيره التونسي و قبلهما فرعون الذي أعلن الإيمان حين أدركه الغرق فأتاه الرد القرآني {آلآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين} .

البارحة قرأت لكاتبة كويتية (مناها) أن (يُعاف) الإخوان المسلمون و يُكرهوا بأي وسيلة يتلقفها قلمها الحاقد حتى لو كانت كذباً بواحاً و تزويراً للتاريخ ! فهذه الجاهلة بالأحداث السياسية زعمت أن الإخوان تحالفوا مع القوى الإستعمارية الكبرى في سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي و هو ما لم يقل به الأولون ولا الآخرون ! فأصغر طلبة العلوم السياسية يعرفون أن تلك القوى الكبرى كانت أعتى أعداء الإٍسلام و المسلمين ، فالمعسكر الأمريكي الغربي هو الداعم الأكبر لحكومات القمع في الوطن العربي و على رأسها الحكومة المصرية التي زجت بآلاف الإسلاميين في سجون التعذيب ، أما المعسكر السوفييتي الشيوعي فقد عانى من ضربات المجاهدين الإخوان كالشهيد عبدالله عزام و رفاقه ، أما إن كانت تلك المرأة تقصد حقبةً أقدم فالمصيبة أعظم إن لم تسمع بصولات الإخوان و جولاتهم ضد الإنجليز في أرض الكنانة و ضد الصهاينة في أرض المقدس !

هذه المرأة المشهورة بتطبيلها لوزير الدامة و تصفيقها للجويهل حذّرت المصريين من ركوب الإخوان لموجة المظاهرات و كأن المصريين لم يختاروا بأنفسهم الإخوان المسلمين كأكبر كتلة معارضة للحكومة رغم تزوير الإنتخابات ، و ما شجْب هذه المرأة لأحداث ثورة تونس الخضراء إلا دلالة على كُفرها بمباديء التعددية و الديمقراطية في حال استفاد منها خصمها .. الإسلامي .

و نحن نرى أن إتهام الإخوان بإسقاط الفرعون المصري و الطاغية التونسي إنما هو ثناء على صفحة مضيئة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ، فهنيئاً لهذه الجماعة ذلك الزخم الشعبي المتعاطف معها و المتمثل في الجموع المصرية و التونسية التي اكتسحت قصور و معتقلات المجرمين ، و شكراً لها على إعطاء الشعوب و الزعماء دروساً في الديمقراطية و الحرية و العدالة بصورة سلمية حضارية بعيدة عن الإنقلابات الدامية و المعارك الحامية و سفك الدماء و سبي الإماء !

كلمة أخيرة .. لم تجهر بدعم الرئيس المصري و انتقاد شعب أم الدنيا إلا حكومة العدو الصهيوني ! بل حتى أكبر الداعمين الغربيين له رضخوا لإنتفاضة الأمة و لزموا الحياد و تذكروا قول الشاعر (بتصرف) : إذا الشعب يوماً أراد الحياة ** و شاء الإله استجاب القدر.

الاثنين، 24 يناير 2011

نشمي .. يا شيخنا النشمي

الشيخ العلامة الدكتور عجيل بن جاسم النشمي من العلماء الأفاضل الذين تفتخر الكويت بانتمائهم لها و إعلائهم لإسمها في حقل الشريعة و ميدان الفقه بأرجاء العالم ، فهو مثال للرجل الرزين ذي الطرح الرصين الذي يواجه الفتوى بكل سكينة و تمحيص فيرد عليها الرد الشافي و الجواب الكافي دون مجاملة لرغبة حاكمٍ أو خوفٍ من نقمة ناقمٍ واضعاً نصب عينيه مرضاة الله تبارك و تعالى .. وحده .

و لهذا الشيخ مواقف مضيئة يجب أن يستلهم منها العلماء و العامة دروساً و عبر في زمن كثر فيه علماء السلاطين و علا فيه صوت الرويبضة و تصدر به المناصب متردية القوم و نطيحتها !
و مشايخ السلطان تنعُمُ تحتهم ** فرشٌ وثيرٌ و البيوت قصورُ

فشجاعته حفظه الله تجلت يوم أفتى أثناء الغزو البعثي الغاشم بجواز قتل المحتل العراقي في وقت قال فيه البعض بحرمة ذلك بحجة حقن دم الأمة فحثوا على مواجهة الغاصب بالصبر ! و أذكر يومها أن جنود البعث و مخابراته اقتحموا منزل الشيخ فأعمى الله أبصارهم عن أوراق تلك الفتوى التي سطرها هذا الشيخ المحب لوطنه .

هذا الرجل أوكلت له مع ثلة من المشايخ الأفاضل مهمة استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية من قبل سمو الأمير جابر الأحمد رحمه الله فأدى المهمة و قدمها لولي الأمر ثم عكف على تعليم طلبة العلم الشرعي و الرد على تساؤلات عامة المسلمين و نشر عشرات الكتب و البحوث التي تخدم الأمة الإسلامية .

هذا الفقيه الفاضل لا يداهن عبداً على حساب مرضاة ربه ، فلم يجامل العامة حين أفتى بحرمة إسقاط القروض أو شرائها أو دفع فوائدها من المال العام ، كما لم يحابي الحكومة عندما أفتى حفظه الله بوجوب إسقاط الفوائد الربوية في مسألة التأمينات و المتقاعدين .
و لأن الشيخ يواكب الواقع و يفهم الحاضر و يعيش عصره فقد تعرض رأيه في مسألة المظاهرات و حدود طاعة ولاة الأمر لنقد بعض السفهاء هداهم الله و بعض الدعاة المتفيقهين و طلبة العلم المبتدئين الذين لا يرتقون لمرتبة العلماء و ليس لهم حق الفتوى فكانوا كمن ينطح جبلاً .. بقرنيه !
يا ناطح الصخرة الصمّاء توهنها ** أشفق على الرأس لا تشفق على الحجرِ

فهؤلاء نذكرهم بأن عودة الحجاب و توقير الأذان و نبذ العلمانية في تونس لم تتحقق إلا بالمظاهرات ، كما ننبههم لضرورة توقير العلماء و عدم تصدر الفتوى دون علمٍ و نحذرهم من خطيئة نقل ما أفتى به بعض شيوخ ديارٍ أخرى حُرِّمت بها الإنتخابات و كُفّرت فيها الأحزاب و مُنع عنها منهج الديمقراطية و قُدّست بها كراسي ولاة الأمر فكانت فتاواهم تلك خاصة بمكانهم و زمانهم و دستورهم (إن وُجِد) و لا يصح استيرادها ، فالنشمي ابن النشمي و أهل الكويت .. أدرى بشعابها .

الخميس، 20 يناير 2011

هذا بلا (أخوك) يا عقاب !

قال لا فض فوه ولا (جُبِرَ) حاسدوه : البارحة قدمت استقالتي ، و الليلة سيكون شقيقك مختار المخاتير ، و الجابلة ستدافع عني في لجنة التحقيق ، و اللابلة سيبدأ (عقاب) (المسلم) بنقل الأصوات التي تريدها لدائرتك .. الجديدة !
خلال أيام مليئة بالأحداث المؤسفة زاد يقيننا بأن الجنسية لا علاقة لها بحب الكويت و احترام قوانينها و الإلتزام بعاداتها الأصيلة ، ففي مستشفى الأحمدي يعمل طبيب عربي غير كويتي آمن بتلك المباديء السامية رغم التهديد و الوعيد الذي أتاه من جلادين كويتيين يرأسهم رجل غير (عادلٍ) ولا (راشدٍ) يتبعه نفرٌ عليهم (العوض) ، هنا تذكّرنا قول : (لو خليت قلبت كسدوم و عمورة) ، فالخير لم يفنى و الصلاح لم ينضب و بصيص نورٍ مازال يُشعل في حلكة الظلام من قبل كوكبة طيبة من الشباب الأحرار يتصدرهم شيوخٌ أبرار رفضوا القمع و الكي .. بالنار.
لقد قيل في الأمثال الشعبية (ما أردى من المربوط إلا المفتلت) فكيف نرتجي خيراً من قيادي أتى لمنصبه بتزكيةٍ ممن يشتهر بفساده و تستره على سراق المال العام ؟

وصدق قول المتنبي : و شبه الشيء منجذبٌ إليهِ ** و أشبهُنا بدنيانا الطغامُ

فكيف نتأمل إصلاحاً من مسؤولٍ تقلد منصبه بفضل راشٍ مرتشٍ عدوٍ للدستور ؟
إننا يوم أصبحنا نترقب التخلص من أناسٍ فاقدي الثقة و الحياء أمسينا نسمع أخبار استنساخهم و تكاثرهم بالإنشطار .. كالبكتيريا !
فأين العبرة مما حدث في تونس ؟ هناك يسقط الرئيس لأن (الشعب) لا يريده ثم تسقط الحكومة المؤقتة لأن (الشعب) يرى أنها ذَنَب للنظام البائد ، و هكذا أصبح (الشعب) في تلك البلاد هو الآمر الناهي الذي إن خرج للشارع تحققت أمانيه و نُفذت رغباته ، و لم يُنعت بالتأزيمي و الغوغائي كما يحدث عندنا !

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة) قيل : كيف إضاعتها ؟ فقال : (إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله ، فانتظر الساعة) .

عبدالله الأعمش

السبت، 15 يناير 2011

كش .. يا شيخ الدامة

استقالة من لقّب نفسه (احطبة دامة) لن تكون في يوم من الأيام شجاعةً و شهامة فمنطلقها (مُكرهٌ أخاك لا بطل) كون الجريمة اتضحت كوضوح الشمس في رابعة النهار ، فالشيخ سُقِط في يده و لم يجد مفراً إلا الإستسلام ، و يبقى عزاؤه في أن الإعتراف بما اقترفته يد وزارته .. فضيلة .
يكذب من يقول أنها أولى جرائم وزارة الداخلية ، فوفاة ذلك الشاب هي القشّة التي قصمت ظهور بعارين الداخلية المحملة بالفساد و الإنتهاكات الوحشية ، و لقد أثبت المرحوم بإذنه تعالى محمد غزاي المطيري أن الحر ينتصر .. و لو مات !
إن الأخبار الواردة لنا أن علية القوم لما علموا باستعداد البعض لتنفيذ القصاص بعيداً عن قوانين الدولة المعلقة هبّ كبيرهم لتعزية القوم و مهادنتهم بعد عودته من (بلاد الرافدين) التي زارها قبل جفاف دم الشهيد العنزي ! و الجدير بالذكر أن خطأ التوقيت هذا ليس بجديدٍ على أبي اللغات و مستشاريه فقد سبق و أن زار (بلاد فارس) يوم كانت أذنابها تهدد (بلاد الحرمين) و التي لم يزرها إلا .. لساعة !
إن الجريمة النكراء التي دسن بها جلادو وزارة الداخلية أرض الأحمدي لم يرتكبها فردٌ أو شرذمة قليلة من الجبناء ، بل قامت بها عصابة منظمة وزّعت الأدوار بين أفرادها ، و لزم علينا تذكير الناس بهم كي لا يفروا فرار الحُمُر المستنفرة !
1- السفاح الذي عذب الضحية على مدار أيام و استخدم معه العنف (و هي فرق متناوبة) .
2- الطعّان اللعان الفاحش البذيء الذي شتم الضحية و أهانه باللفظ (منذ لحظة اعتقاله حتى زهق روحه) .
3- الشيطان الأخرس الذي شاهد التعذيب و السباب و مخالفة القانون و لم يقم بالتبليغ عن ذلك .
4- عديم الإنسانية الذي رفض علاج الضحية بالمستشفى رغم إصرار طاقم سيارة الإسعاف على ذلك .
5- وسيط الشر و كاتم الشهادة الذي سعى لإطلاق المعتقل الثالث شريطة عدم تفوهه بكلمة عن الجريمة ، ألا يخشى أن يكون مع كل مخلدٍ في النار ؟
6- الخبيث الماكر الذي نسي أن الله خير الماكرين حين أبعد المعتقل الثاني لمركز شرطة الأندلس و خطط لقطع أي صلة بينه و بين جريمة الأحمدي .
7- الراشي الملعون شرعاً الذي حاول استمالة الأطباء في المستشفى ثم هددهم و سعى لتزوير التقرير الطبي الخاص بجثمان الضحية .
8- الأحمق الذي اختار لواءين من نفس عائلة متهمَيْن في الجريمة ليقوما بالتحقيق فيها !! و هي خطوة تنسف الشفافية و الحيادية حتى لو كان أحد اللواءين (راشد) الرأي و الآخر (حميد) السمعة !
9- الكذّاب الأشر الذي صاغ بيان الداخلية الأول و قرر من خلاله تشويه سمعة الضحية و تزييف الحقائق .
10- كبيرهم الذي علمهم السحر فأمنوا العقوبة و لم يخشوا المحاسبة فذكرونا بقول ابن التعاويذي :


إذا كان رب البيت بالدف مولعاً ** فشيمةُ أهل البيت كلهم الرقصُ

و كش .. يا شيخ الدامة !

عبدالله الأعمش

الخميس، 6 يناير 2011

سوق النخاسة السياسية

لقد عرف التاريخ منذ قرون خَلَت استعباد الأفارقة على يد شعوبٍ شرقية و غربية ثم ظهر ما يسمى بالرقيق الأبيض و بعدها وُصف الرياضيون بتلك النعوت حين صاروا يباعون و يُشترون بأمر ملاّك نواديهم ، أما أحدث صور العبودية التي نعاصرها فهي أن يبيع الحر نفسه بمحض إرادته لسيد من سادات سوق النخاسة السياسية ! و في هذا السوق لا يُقيد العبيد بالسلاسل ولا يُحبس الرقيق في الأقفاص بل يدخلونها برغبتهم و يضعون الأغلال في أعناقهم .. بأيديهم !
في شمال السوق تُباع النساء و تُشترى ، فتلك أَمَةُ تبيع أفكارها و معتقداتها من أجل سيدٍ يمنحها .. (الفحم) ، أما الأخرى فتسخّر لسانها و حنجرتها مقابل منصب يهبه مالكها لبعلها ، و ثمن ثالثة الإماء هو (روضة) من رياض .. الدنيا !
في جنوب السوق يقف الرجال .. و أشباههم ، كلٌ يستعرض مهاراته ليحظى برضا وزيرٍ له سطوة أو شيخٍ من الصفوة أو تاجرٍ .. فارسي ذي ثروة ، فتجد أحدهم يهِب كرامته باستجداء و الثاني يتبرأ من قبيلته باستعلاء و الثالث يقذف عمامته .. دون استحياء !
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروةٍ ** خضعت لديه و حرّكت أذنابها
و إذا رأت يوماً فقيراً عابراً ** نبحت عليه و كشّرت أنيابها
لا تجد في السوق أَسْوَداً بلون المسك فأشباه عنترة العبسي يترفّعون عن الذلّة ، لكن سواد قلوب مرتادي سوق النخاسة تكشفه أفعالهم المشينة كالرشوة و شهادة الزور و بيع الذمة و أكل المال الحرام و غيرها من أصناف الفساد ، يَلِجون السوق أحراراً فقراء و يتركونه عبيداً أغنياء كما يدخله آخرون و وجوههم مسفرة ثم يخرجون منه و على وجوههم غَبَرَة .
عند بوابة السوق تجد إثنى و عشرون حراً أبوا الخنوع و رفضوا الرِّق و أوفوا بالعهد و ما خانوا الأمانة فأصابتهم بذاءة الفاجرة سجاح و أكاذيب مسيلمة الذي سَطَّرتُ فيه قصيدة مطلعها :
لا (النُبل) فيك ولا (الفضيلة) مبدؤك ** أنت الكذوب و شتم خصمك ملجؤك
فما وهنوا أمام ضربات النخاسين و ما سقطوا في حبائل إغراءاتهم كغيرهم من .. الساقطين ، فالتفّت حولهم جموع الأحرار و ساندتهم جماهير الأبرار فقصدهم آلاف الزوّار في ساحةٍ تدعى .. الصفاة ، و في ذلك اليوم حوصر سوق النخاسة بمن فيه من سادة طواغيت و أزلام مناكير و طوّقته القلوب المشرئبة لعبق الحرية و المتلهفة لنسيم الكرامة و الطامحة لرياح .. التغيير .
و صدق من أنشد : لو دامت لغيرك ** ما اتصلت إليك

للتاريخ : حين أدلج القوم لديارهم من (موقعة سوق النخاسة) رأوا على قارعة الطريق بعض إخوانهم المتخلفين عن الركب ، و قد كان منهم حبشي و فارسي .. و (رومي) !