الخميس، 7 يوليو 2011

المقامة البنغالية : الشيخة البنغالية






للإستماع لمقال :
http://www.4shared.com/audio/hvpC3sKJ/__online.html




حدَّثَنا عدنان ابن أُثيلة قال : ذات عامٍ أصاب البلاد والعباد قحطٌ اضطرنا للترحالْ ، فركب بعضنا الأباعِر والجمالْ ، وآخرون على الخيول والبغالْ ، حتى وصلنا لبلادٍ يقال لها البنغالْ ، فوجدناها مَكْسوّةً بالأدغالْ مُخضَرَّةَ التِلالْ لا يَحكمها جنس الرجالْ ، فمرةً تكون الشيخةُ حسينة قائدة ، ومرة أخرى تحكمهم خالِدَة ، فلا تحتكرها منهنّ واحدة فتكونَ لتداول السلطة وائِدة ، فيا ليت قومي يفقهون الفائدة !

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : مالي تذكرت العجاف السبع ؟ اللاتي جف فيهن النبع ، وجاع فيهن السبع ، وشبع فيهن الضبع !

تموت الأُسْدُ في الغابات جوعاً ** ولحم الضأن تأكلهُ الكِلابُ

وذو جهل قد ينام على حريرٍ ** و ذو علمٍ مفارشه الترابُ

ويوم وَلَجنا عاصمتهم دَكّا ، علمنا أن الشيخةَ أصدرَت صَكّا ، كي تقطع باليقين الشَكَّ ، فألزمت النوّاب والوزراءْ ، والمسؤولين والسفراءْ ، وأهليهم والأقرباءْ ، بكشف مايملكون من أموالٍ وثروات ، وذهبٍ ومجوهرات ، وأرصدةٍ وحسابات ، وقصورٍ وعقارات ، حتى يتبين الأمين من السارق ، ويتضح المخلص من المارق ، ويتكشّف الحد الفارق بين من هو بالفساد غارق ومن هو في سماء الخير طارق .

فقال الشيخ الأزرق ابن كُليب : رغم أن ولاية الشيخة حرام ، وفي توليها الحُكم كلام ، إلا أن خطوتها هذه صائبة ، ولا تشوبها شائبة ، وعساها أن تمنع الوزير والنائبة ، من سلب الأموال السائبة ، في ظل القوانين الذائبة ، والسلطة الغائبة !

وبعد صيفٍ طويل وحين شرعنا بالرحيل ، تقدم لنا رجلٌ رث الثياب نحيل ، ذو لحية مع الرياح تميل ، فسَلَّم علينا وقرأ بصوت جميل حديث رسولنا الكريم عليه الصلاة والتسليم: {إنما أهلك الذين قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد} فنحن بنو البنغال رغم ضنك الحال وشُح المال سبقناكم في هذا المجال ، فبدأنا بالأغنياء قبل الفقراء ، والأثرياء قبل الضعفاء ، فيما لا يُغدِق واليكم على الناس البركات ، لكنه يدفع للحاشية والمتزلِّفين .. بالشيكات !


عبدالله الأعمش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق