الأربعاء، 12 مارس 2014

ورطة القرار السعودي


منذ أن أصدرت المملكة العربية السعودية قرارها الأخير الذي أيدته حكومة السيسي والإمارات وإسرائيل بشأن وضع الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى في خانة الإرهاب وعشرات التساؤلات المستحقة تُطرح على السعوديين ومن يدعم قرارهم ، لكن دون إجاباتٍ واضحة أو ردود مقنعة تكشف الضبابية التي تحيط بمستقبل القرار وكيفية تطبيقه عملياً ، ولتأكيد الورطة التي ستواجه المسؤولين السعوديين أطرح 10 من علامات الاستفهام الحائرة :


1-     لماذا تم (تعميم) اعتبار الإخوان المسلمين إرهابيين فيما تم (تخصيص) حزب الله (السعودي) دون شمول القرار لفرعه (اللبناني) ؟ ما سبب تسمية كل منتمي لذلك التيار (السياسي) بالإرهابي فيما لم يُطلق على حزب الله اللبناني (المسلح) نفس اللقب ؟ وهل لهذا الاستثناء ارتباط بتصريح السفير السعودي في بيروت خلال الشهر الماضي الذي قال فيه أن أبواب المملكة وقلوبها مفتوحة لحزب الله !


2-     لماذا صدر القرار الآن ؟ فرغم عدم تطرق الإخوان للمملكة الداعمة لإسقاطهم في مصر في مقابل إبداء الإخوان تقديرهم للسعودية خلال فترة حكم الرئيس المنتخب د محمد مرسي إلا أن القرار صدر مباشرة بعد تصعيد سعودي إماراتي ضد القطريين. 



3-     دخلت القاعدة في صراع دموي مع النظام السعودي منذ سنوات طويلة قُتل خلالها المئات من المدنيين ورجال الأمن وأعضاء التنظيم المسلح إلا أن قرار اعتبارها جماعة إرهابية لم يظهر إلا اليوم إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين في عملية حشرٍ واضحة لا تخفى على أي مراقب ، فهل انتبهت المملكة فجأة للقاعدة ؟ أم أنها خلطٌ للحابل والنابل من أجل استهداف الإخوان ؟


4-  كيف ستتعامل الحكومة السعودية رسمياً مع الحكومات التي تضم وزراء من جماعة الإخوان المسلمين مثل التونسية والمغربية واليمنية وأحياناً الليبية والكويتية والسودانية وغيرها ؟ فهل سيكون وزراؤها إرهابيون في معية نظرائهم السعوديين ؟


5- كيف وضعت السعودية الخصمين اليمنيين الإصلاح (الإخوان) و الحوثيين (الشيعة) في قائمة الإرهاب في الوقت الذي ترعى فيه المملكة الحوار اليمني الذي تشارك به تلك الجماعتان ؟ وهل سيؤدي هذا التناقض لفقد السعودية دورها في اليمن ؟


6- ماهو موقف السعوديين من تيار الإخوان المسلمين في سوريا ؟ حيث لا يختلف اثنان على أن الإخوان السوريين أشعلوا شرارة الكفاح ضد البعثيين منذ ما قبل مذبحة حماة ولهم اليوم دور مؤثر في القضية السورية على الصعيدين السياسي والعسكري؟ فهل ستعتبرهم السعودية إرهابيين كما يفعل نظام بشار ؟ وهل سيربك هذا القرار السعودي الألوية والجبهات السورية المناهضة للنظام السوري ؟


7- هل ستعتبر السعودية أبرز التيارات الإسلامية (السنية) في الكويت والبحرين والعراق منظمات إرهابية ؟ مع العلم أن الإخوان في هذه الدول يمثلون خطوط دفاع قوية أمام نفوذ التيارات الموالية للإيرانيين، ولن يكون اعتبارها إرهابية إلا في صالح طهران التي تأمل أن تقوم نيابة عنها الحكومات السنية بإضعاف تيار الإخوان المسلمين (السني).


8- هل استعدت الحكومة السعودية للحرج اليومي الذي سيواجه سلطات مطاراتها في حال قدوم رموز دينية أو شخصيات رسمية تنتمي لتيار الإخوان المسلمين بهدف الحج أو العمرة أو أي أنشطة تابعة لمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ؟ مع استذكار تأثير ذلك الحرج على سمعة السعودية إعلامياً ودبلوماسياً.


9- هل احتسبت السعودية تكلفة خسارتها لملايين الإخوان ومن يتعاطف معهم في الدول الغير عربية مثل ماليزيا وباكستان وتركيا وأندونيسيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول ؟ أم أن إحياء الدور القيادي للمملكة في العالم الإسلامي ما عاد من أولويات سياسييها ؟


10- ما هو تصنيف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم بالنسبة للحكومة السعودية ؟ فلا يختلف اثنان على أن حماس التي أسسها الشهيد الشيخ أحمد ياسين هي الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين، فهل ورّط العميل الإسرائيلي القابع في الإمارات (دحلان) السعوديين بهذه المعضلة ؟


تلك التساؤلات آنفة الذكر نماذج وليست حصراً للكثير من الغموض الذي يكتنف القرار الذي أعتبره ذو كلفة عالية على المملكة التي لم تعاني يوماً من تيار الإخوان داخلياً لكن أقطاباً فيها اختلقت الخصومة لمواجهة قطر والجماعة في مصر فظهر القرار ارتجالياً غير مدروس سيتبين غداً أنه متعجل وعاطفي وليس من سماته التروي وتحكيم العقل والمنطق .. كما حدث سابقاً حين أعلنت المملكة مقاطعتها لمجلس الأمن رغم فوزها بالمقعد !


ختاماً : في الفتوى رقم (6250) للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تُذكر جماعة الإخوان المسلمين على أنها إحدى الجماعات الثلاثة (الأقرب إلى الحق) و (الأحرص على تطبيق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم).


عبدالله الأعمش