الثلاثاء، 22 فبراير 2011

السعودية و المذبحة الليبية



لا يختلف اثنان على المكانة الرفيعة التي تتبوؤها المملكة العربية السعودية بين دول العالم ، ولا يقدر أحد على التشكيك في الثقل الذي تمثله السعودية بين الدول الإسلامية والعربية خصوصاً ، إنما يبرز الخلاف حول مسألة تضاؤل هذا الدور الهام منذ بداية الألفية .
و للفريق المؤيد لنظرية تراجع التأثير السعودي في الوضع السياسي بالوطن العربي استدلالات وشواهد عديدة يأتي في مقدمتها قضية غزة و التي اضطر أهلها المضطهدون لقبول دعم الفرس والأتراك وحزب البعث السوري في ظل انحياز سعودي لمنظمة التحرير الساقطة فلسطينياً و في مقياس الشعوب العربية .
المثال الثاني و الأحدث للتراجع الدبلوماسي السعودي هو ما تناولناه في مقالنا (إخفاق ساسة الخليج في مصر) حين جنّدت المملكة و للأسف ساستها وقناتها العربية ومفتيها لنصرة الطاغية ، فسقط الدكتاتور وبقي الموقف السعودي الخاطيء في ذهن الشعب المصري !
اليوم لابد أن يتوقف الإخوة في المملكة عن تقاعسهم في ممارسة الدور الذي ترجوهم الشعوب العربية أن يمارسوه ، فالمبالغة في انتهاج الحياد يعد سلبية ، والتطرف في إتباع قاعدة (عدم التدخل في شؤون الغير) يعتبر تخاذلاً عن دور قيادي إسلامي عربي قد لا تستطيع أن تمارسه غيرها من الدول .
لا نطلب من المملكة أن تتحرك لأنها هوجِمت من العقيد القذافي الذي خطط لإغتيال الملك عبدالله قبل سنوات لكننا ندعوها لنصرة الشعب الليبي للأسباب التالية :

1- إن ما يحدث في ليبيا مخالف لشرع الله تبارك وتعالى ، وقد قال خير الخلق صلى الله عليه و سلم و هو ينظر للكعبة المشرفة : (والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك) .
2- إن تلك المذابح القذافية منافية لمباديء الإنسانية و مخالفة للفطرة البشرية السويّة و التي لاشك في أن المجرم الليبي يفتقدها .
3- إن جرائم النظام الليبي منتهكة للقانون الدولي انتهاكاً صارخاً و مصنفة كجرائم حرب و لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال .

إن لدى المملكة العربية السعودية وسائل شتى للتدخل من أجل وقف المجزرة ، فالدعوة لإجتماع عربي طاريء وإصدار بيان ملكي يشجب الجرائم و الضغط على الأصدقاء الغربيين للتدخل العاجل ليست أموراً عسيرة على الساسة السعوديين ، فهل نراها عاجلاً أم ننتظر إبادة أحفاد عمر المختار رحمه الله الذي قال ولسان حال أحفاده يردد مقولته : (نحن لن نستسلم ، ننتصر أو نموت) ؟!

ختاماً ، سمعنا الشيخ القرضاوي حفظه الله و هو يصدح بكلمة الحق في وجه سلطان جائر فأفتى بجواز قتل هذا السفاح الذي أحرق البلاد و قتل العباد حفاظاً على كرسيه الآيل للسقوط ، فهل نسمع شيئاً من شيوخٍ اعتادوا الحث على الصبر في وجه ولي الأمر الظالم و أتحفونا ليل نهار بفتاواهم المحذرة من التظاهر و الإعتراض على الحاكم المستبد ؟!
قال الله تبارك و تعالى في سورة البقرة : {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر و العبد بالعبد و الأنثى بالأنثى} .


عبدالله الأعمش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق