السبت، 16 يونيو 2012

حين يصبح مرسي رئيساً

في توقعي وتوقع أغلب المحللين المحايدين والمراقبين المنصفين أن مرشح جماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسي سيقتنص وبكل جدارة لقب فخامة الرئيس المصري في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها أم الدنيا ، وفي تصوري أن مرسي سيكون الفائز وبفارقٍ شاسع عن منافسه مرشح الفلول الفريق أحمد شفيق في إنتخابات الرئاسة المصرية ، وذلك التوقع بالتأكيد لن يتحقق إلا إن كانت العملية الإنتخابية تجري بكل شفافية ونزاهة بعيداً عن عمليات التزوير التي يحترفها الحزب الوطني البائد.
وإن فوز الإخوان في سباق التربع على عرش مصر ليس أمراً مستغرباً بتاتاً ، وذلك لعدة أسباب هامة لا يمكن إغفالها :
أولاً : تأسست هذه الجماعة الإسلامية في عشرينيات القرن الماضي والغريب ليس هو فوزها بهذه الإنتخابات بل إن من غير الطبيعي استمرار تأخر تسلمها مقاليد الحكم في مصر وقد ناهز عمرها القرن.
ثانياً : سلمية الجماعة وإيمانها بالديمقراطية وعدم جنوحها للعنف رسخ جذورها بالمجتمع فلم تكن كغيرها من الجماعات التي اعتقدت أن الطريق الأسرع للقيادة هو بالسلاح ، فقد تبين أن الاضمحلال مصير حتمي لكل من انتهج العنف كالقاعدة والتكفير والهجرة وبعض الجماعات اليسارية المتطرفة.
ثالثاً : إيمان جماعة الإخوان المسلمين بالإسلام الوسطي المعتدل بعيداً عن التشدد والعلمانية جعل لهذه الجماعة قبولاً في العالم الإسلامي عموماً وفي أوساط الأمة المصرية خصوصاً.
رابعاً : أعداء هذه الجماعة الإسلامية يمثلون أحد أسباب نجاحها ، فلوبي الأنظمة القمعية وأجهزة الأمن ودولة بني صهيون المتحالفة ضد الإخوان المسلمين يؤكد لرجل الشارع بأن الإخوان على حق.
خامساً : قوة تنظيم الجماعة وإلتزام منتسبيها بخططها جعلتها الأكثر انتشاراً والأقرب للشعب والأكثر تفهماً لهمومه على نقيض بقية الأحزاب ، وما انتصار الإخوان رغم ترشح أبوالفتوح إلا دليل على تماسك الجماعة في وجه الإنشقاقات وعمليات التشرذم التي راهن عليها الكثيرون بعد قرار طرد أبو الفتوح من الجماعة.
في وجهة نظري إن الفوز المؤكد بإذن الله للدكتور مرسي على مرشح النظام السابق ستنتج عنه مشاهد عديدة نتذكر فيها أن (شر البلية ما يضحك) :
1- أن بعض القيادات الأمنية الخليجية التي تهاجم الإخوان ليلاً و(ضحى) ستكون مسؤولة عن أمن موكب فخامة الرئيس الدكتور مرسي حين يقوم بزياراته الرسمية لبلادهم.
2- أن الجماعات (الجامية) التي تُسبح بحمد ولاة الأمر في كل شاردة وواردة ستُلبِس (مجبرة) الرئيس مرسي ثوب القداسة وستمنحه (مُكرهة) الحصانة والتنزيه وستعتبر أعداء الأمس أحباب اليوم .. على مضض.
3- أن جميع رؤساء الوزراء وولاة العهد سيجلسون خلف الدكتور مرسي ويمشون وراء مرشح الإخوان ويضطرون لتبجيله بعد أن كانوا من أعتى خصوم الجماعة.
4- أن الإدارة الأمريكية وللمرة الأولى منذ عقود ستتعامل مع مصر كدولة ذات قرار حر وسيادة كاملة وليست كحجر شطرنج يحركه العم سام كما يشاء.
5- أن حكومة المحتل الصهيوني لن تتعامل بعد اليوم مع المصريين كحرس حدود يأتمرون بأمر تل أبيب متى ما أراد اليهود إحكام القبضة على المجاهدين في حماس.
6- أن العامل المصري البسيط سيمتلك أخيراً مالا يملكه (كفيله) الخليجي الثري ، فالحرية السياسية وحق التعبير العلني أثمن بكثير من الأموال والقصور المحاطة بأسوار القمع والتكميم.
7- أن ورقة التوت الأخيرة التي يتستر بها التيار الليبرالي ستسقط وربما سقطت فعلياً خلال المرحلة الأولى من الإنتخابات ، فبعض رموز هذا التيار المتشدق بالديمقراطية والحرية ساندوا علناً مرشح القمع والديكتاتورية ضد خصمهما المشترك مرشح التيار الإسلامي ، وما الليبرالية الكويتية بعيدة عن هذا الإتهام.
ختاماً ، لابد على الساسة الخليجيين وأصحاب القرار في مجلس التعاون أن يعوا ضرورة إعادة صياغة العلاقة مع مصر الثورة بعيداً عن النهج القديم الذي لا يليق إلا بمصر الديكتاتورية التي ولّت إلى غير رجعة ، فمصر الجديدة ستفرض نفسها على الغرب وستقترب أكثر مع الحكومات الإسلامية المجاورة وسيكون مثلها الأعلى حكومة ديمقراطية إسلامية كتركيا ، وليست حكومات نفطية ثرية تتعامل مع الإنسان كنخلة لا تحتاج إلا للماء والتشذيب ، وقد يكون مصيرها أحياناً.. قطعٌ أو حرق !
عبدالله الأعمش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق