الأربعاء، 16 يونيو 2010

التنمية و الإصلاح .. نضجٌ سياسي



كُثر هم الذين كتبوا عن إستجواب الرياضة ، منهم من أخطأ كافتتاحية صحيفة القبس التي أطلقت عليه (إستجواب الإصلاح) و أسمَت إستجوابات أم الهيمان و مصروفات رئيس الوزراء (ضحلة) و (أجندات سياسية) ! و قد رددنا مزاعمهم بمقال ( و دق الجرس في صحيفة القبس !) ، أما من أحسن في تحليله لحقيقة هذا الإستجواب فهم الإخوة في جريدة جنوب السرة الإلكترونية الذين كتبوا (لاعب يا بوفهد ..!) فكشفوا عن لاعب رئيسي في الأزمة السياسية التي تعيشها الكويت منذ سنوات .

لكن ما أود الإشارة إليه في هذا المقال هو قرار كتلة التنمية و الإصلاح في مجلس الأمة بدعم هذا الإستجواب المقدم من كتلة العمل الوطني و الذي أرى أنه قرار حكيم يدل على نضج سياسي غير مستغرب من كتلة إسلامية تمارس المعارضة السياسة بإعتدال لا تطرف فيه ، و التطرف الذي أعنيه يتمثل أحياناً في أقصى درجات الولاء الأعمى للحكومة فتنطبق حينها على النائب المتطرف مصطلحات (إنبطاحي) و (بصّام) ، أما التطرف النقيض فهو معارضة الحكومة لمجرد المعارضة و هو تطرف يزعم الإعلام الفاسد إنتهاج المعارضة الكويتية له و يسمونه (تأزيم) !

لن ننسى أن التكتل الشعبي أعلن أيضاً تأييده للإستجواب إلا أن موقف التنمية و الإصلاح يُعد أكثر أهمية و جرأة كون تيار التكتل الشعبي أقل بعداً منه عن تيار كتلة العمل الوطني ، و التأملات في قرار التنمية و الإصلاح عديدة :

1- رغم أن كتلة التنمية و الإصلاح المدعومة من الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) ذات توجه إسلامي إلا أنها أعلنت مساندة الليبراليين مقدمي الإستجواب كون الخلاف الفكري لا علاقة له بموضوع الرياضة ، و هذا أمر يحسب لهم .
2- مع أن كتلة العمل الوطني وقفت ضد عدة إستجوابات شاركت بها و دعمتها كتلة التنمية و الإصلاح إلا أن الأخيرة لم تقل : (هذه بتلك) ، و تسامت على سياسات (وحدة بوحدة) التي أراد البعض أن يورّط الإسلاميين بها بحجّة الإنتقام من بني ليبرال الذين عارضوا إستجوابات أكثر أهمية من الرياضة .
3- جميع أطراف الصراع حكوميون ، ففئة تساند رئيس الوزراء و فئة أخرى تدعم معسكر الفهد و الثالثة هي التكتل الوطني الذي يمثل أحد الأجنحة الرئيسية للحكومة في البرلمان ، فمن صالح المعارضة عموماً و التنمية و الإصلاح بشكل خاص أن تدعم هذا الإستجواب لتفكيك الكتلة التي طال تحكمها بمقاليد الأمور و أن (يحط الله حيلهم بينهم) !
4- أكد المستجوبون تقديمهم للإستجواب إذا لم تتحقق مطالبهم كلها و التي في مقدمتها تنحّي طلال الفهد عن منصبه ، و لو تحققت المطالب فسينصلح جزئياً حال الرياضة في الكويت و ربما لن يكون هناك داعي لتقديم الإستجواب ، و هنا ستكون كتلة التنمية و الإصلاح إسم على مسمى .
5- أكد المستجوبون أن مطالبهم المدعمّة بأحكام قضائية (كويتية) إن لم تتحقق فسيستجوبون رئيس الوزراء الذي سيكون إستجوابه هذه المرة (غير) كونه لن يكون سرياً (كالعادة) و لأنه يشابه إستجوابات الثمانينات التي دعمتها تيارات مختلفة فكان الدويلة و النفيسي و باقر إلى جانب القطامي و الراحلين الربعي و المنيس في مواجهة وزراء الحكومة التي لم تتحمل قوة المجلس فاستقال منها من استقال و تم حل المجلس حلاً غير دستوري .

نتمنى أن يقتدي جميع الأعضاء بموقف كتلة التنمية و الإصلاح فيأتي واجب مواجهة الفساد قبل التصفيات السياسية و المصالح الضيقة التي تضعف البرلمان و تقوي المتنفذين ، و قد صدق الله عز و جل : {وَ لا تنازَعوا فَتَفشَلوا و تَذهَبَ ريحُكُم} .

أخيراً .. رحم الله الكاتب الموقر عادل القصار رحمة واسعة و أسكنه العلي القدير فسيح جناته و ألهم أهله الصبر و السلوان .


عبدالله الأعمش
16-6-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق